صفحة جزء
63 واحتج بعضهم في القراءة على العالم بحديث ضمام بن ثعلبة قال للنبي صلى الله عليه وسلم : آلله أمرك أن نصلي الصلوات ؟ قال : نعم . قال : فهذه قراءة على النبي صلى الله عليه وسلم ، أخبر ضمام قومه بذلك فأجازوه .
أراد بالبعض هذا شيخه الحميدي ; فإنه احتج في جواز القراءة على المحدث في صحة النقل عنه بحديث ضمام بن ثعلبة ، فإنه قدم على النبي عليه الصلاة والسلام وسأله عن الإسلام ، ثم رجع إلى قومه فأخبرهم به فأسلموا .

قوله " آلله أمرك " بهمزة الاستفهام في لفظة " آلله " ، وارتفاعه بالابتداء ، وقوله " أمرك " جملة خبره .

قوله " أن نصلي الصلاة " ; أي بأن نصلي ، والباء مقدرة فيه ، ونصلي إما بتاء الخطاب أو بنون الجمع المصدرة على ما يأتي بيانه عن قريب إن شاء الله تعالى .

قوله " قال : نعم " ; أي قال النبي صلى الله عليه وسلم : نعم ، الله أمرنا بأن نصلي .

قوله " قال : فهذه قراءة " ; أي قال البعض الذي احتج في القراءة على العالم بحديث ضمام هذه قراءة على النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال الكرماني : أي قال البعض المحتج وهو الحسن والثوري ونحوهما ، وليس كذلك ; فإن المراد بالبعض هو الحميدي كما ذكرنا .

فإن قلت : يحتمل أن يكون هذا المحتج بعض المذكورين ; أعني الحسن والثوري ومالكا - قلت : لا يمنع من ذلك ، ولكن حق العبارة على هذا أن يقال : قال البعض المحتج من هؤلاء المذكورين ، لا كما يقوله الكرماني .

قوله " قراءة على النبي " ، هكذا هو في غالب النسخ بإظهار كلمة " على " التي للاستعلاء ، وفي بعضها " قراءة النبي " ، فإن صحت تكون الإضافة فيه للمفعول ، ويقدر على فيه .

قوله " فأجازوه " ; أي قبلوا منه ، وليس المراد الإجازة المصطلحة بين أهل الحديث ، والضمير المرفوع فيه يرجع إلى قوم ضمام ، وجوز الكرماني أن يرجع الضمير إلى النبي عليه الصلاة والسلام وصحابته ، وهذا بعيد سيما من حيث المرجع .

لا يقال : إجازة قومه لا حجة فيه لأنهم كفرة ; لأنا نقول : المراد الإجازة بعد الإسلام ، أو كان فيهم مسلمون يومئذ . فإن قلت : قوله " أخبر قومه بذلك " ليس في الحديث الذي ساقه البخاري ، فكيف يحتج به ؟ قلت : إن لم يقع في هذا الطريق فقد وقع في طريق آخر ذكره أحمد وغيره من طريق ابن إسحاق قال : حدثني محمد بن الوليد عن كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : بعث بنو سعد بن بكر ضمام بن ثعلبة - فذكر الحديث بطوله ، وفي آخره أن ضماما قال لقومه عندما رجع إليهم : " إن الله قد بعث رسولا وأنزل الله عليه كتابا ، وقد جئتكم من عنده بما أمركم به ونهاكم عنه ! قال : فوالله ، ما أمسى في ذلك اليوم وفي حاضرته رجل ولا امرأة إلا مسلما " .

التالي السابق


الخدمات العلمية