صفحة جزء
6859 60 - حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ ، حدثنا سعيد ، حدثني عقيل ، عن ابن شهاب ، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص ، عن أبيه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن أعظم المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسألته .


مطابقته للجزء الثاني للترجمة ظاهرة ، وسعيد هو ابن أبي أيوب الخزاعي المصري ، واسم أبي أيوب مقلاص بكسر الميم وسكون القاف ، وفي آخره صاد مهملة ، وكان ثقة ثبتا ، قوله : " عن أبيه " هو سعد بن أبي وقاص .

والحديث أخرجه مسلم في فضائل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم عن يحيى بن يحيى وغيره ، وأخرجه أبو داود في السنة عن عثمان بن أبي شيبة .

قوله : " إن أعظم المسلمين جرما " أي من حيث الجرم أي الذنب ، وفي رواية مسلم : إن أعظم الناس في المسلمين جرما ، قال الطيبي : [ ص: 33 ] شيخ شيخي فيه من المبالغة أنه جعله عظيما ثم فسره بقوله : " جرما " ليدل على أنه نفس الجرم ، وقوله : " في المسلمين " أي في حقهم ، قوله : " عن شيء " وفي رواية سفيان "عن أمر " قوله : " لم يحرم " على صيغة المجهول من التحريم ، صفة لقوله شيء ، قوله : " فحرم " على صيغة المجهول أيضا من التحريم ، وفي رواية مسلم " عليهم " وله من رواية سفيان عليهم ، وقال ابن بطال عن المهلب : ظاهر الحديث يتمسك به القدرية في أن الله يفعل شيئا من أجل شيء ، وليس كذلك ; بل هو على كل شيء قدير ، فهو فاعل السبب والمسبب ، كل ذلك بتقديره ; ولكن الحديث محمول على التحذير مما ذكر ، فعظم جرم من فعل ذلك لكثرة الكارهين لفعله ، وقال غيره : أهل السنة لا ينكرون إمكان التعليل وإنما ينكرون وجوبه ، فلا يمتنع أن يكون المقدر الشيء الفلاني يتعلق به الحرمة إن سئل عنه ، وقد سبق القضاء بذلك لا أن السؤال علة للتحريم ، فإن قلت : قوله تعالى : فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون يدل على وجوب السؤال ، قلت : هو معارض بقوله : " لا تسألوا عن أشياء " فالتحقيق أن المأمور به هو ما تقرر حكمه من وجوب ونحوه ، والمنهي هو ما لم يتعبد الله به عباده ولم يتكلم بحكم فيه ، فإن قلت : السؤال ليس يتعلق به حرمة ، ولئن تعلقت به فليس بكبيرة ، ولئن كانت فليست بأكبر الكبائر ، قلت : السؤال عن الشيء بحيث يصير سببا لتحريم شيء مباح هو أعظم الجرائم لأنه صار سببا لتضييق الأمر على جميع المسلمين ، فالقتل مثلا مضرته راجعة إلى المقتول وحده بخلافه فإنه عام للكل .

التالي السابق


الخدمات العلمية