صفحة جزء
6870 71 - حدثنا عمر بن حفص بن غياث ، حدثنا أبي ، حدثنا الأعمش ، حدثني إبراهيم التيمي ، حدثني أبي قال : خطبنا علي رضي الله عنه على منبر من آجر وعليه سيف فيه صحيفة معلقة ، فقال : والله ما عندنا من كتاب يقرأ إلا كتاب الله وما في هذه الصحيفة ، فنشرها فإذا فيها أسنان الإبل ، وإذا فيها المدينة حرم من عير إلى كذا ، فمن أحدث فيها حدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا ، وإذا فيه ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم ، فمن أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا ، وإذا فيها من والى قوما بغير إذن مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا .


مطابقته للترجمة ما قاله الكرماني : لعله استفاد من قول علي رضي الله تعالى عنه : تبكيت من تنطع في الكلام وجاء بغير ما في الكتاب والسنة ، وقال بعضهم : الغرض من إيراد الحديث هنا لعن من أحدث حدثا ، فإنه وإن قيد في الخبر بالمدينة فالحكم عام فيها وفي غيرها إذا كان من متعلقات الدين انتهى ، قلت : الذي قاله الكرماني هو المناسب لألفاظ الترجمة ، والذي قاله هذا القائل بعيد من ذلك يعرف بالتأمل .

وشيخ البخاري يروي عن أبيه حفص بن غياث بالغين المعجمة والثاء المثلثة ، عن سليمان الأعمش ، عن إبراهيم التيمي ، وإبراهيم يروي عن أبيه يزيد بن شريك التيمي .

والحديث مضى في آخر الحج في باب حرم المدينة ، ومضى الكلام مستوفى فيه ، ولنذكر بعض شيء لبعد المسافة .

قوله : " من آجر " قال الكرماني : الآجر بالمد وضم الجيم وتشديد الراء معرب ، وقال الجوهري : الآجر الذي يبنى به ، فارسي معرب ، ويقال أيضا : آجور على وزن فاعول ، وقال في باب الدال الترميد الآجر ، قلت : في لغة أهل مصر هو الطوب المشوي ، قوله : " أسنان الإبل " أي إبل الديات لاختلافها في العمد والخطأ وشبه العمد ، قوله : " عير " بفتح العين المهملة وسكون الياء آخر الحروف وبالراء جبل بمكة ، قوله : " إلى كذا " كناية [ ص: 39 ] عن موضع أو جبل ، قوله : " حدثا " أي بدعة أو ظلما ، قوله : " لعنة الله " المراد باللعنة هنا البعد عن الجنة أول الأمر بخلاف لعنة الكفار فإنها البعد عنها كل الإبعاد أولا وآخرا ، قوله : " صرفا ولا عدلا " الصرف الفريضة والعدل النافلة وقيل بالعكس ، قوله : " وإذا فيها ذمة المسلمين " أي في الصحيفة ، ويروى " فيه " أي في الكتاب ، والذمة العهد والأمان ، يعني أمان المسلم للكافر صحيح ، والمسلمون كنفس واحدة فيعتبر أمان أدناهم من العبد والمرأة ونحوهما ، قوله : " فمن أخفر " أي نقض عهده ، قوله : " والى " أي نسب نفسه إليهم كانتمائه إلى غير أبيه أو انتمائه إلى غير معتقه ، وذلك لما فيه من كفر النعمة وتضييع حقوق الإرث والولاء وقطع الرحم ونحوه ، ولفظ " بغير إذن مواليه " ليس لتقييد الحكم به ، وإنما هو إيراد الكلام على ما هو الغالب .

التالي السابق


الخدمات العلمية