صفحة جزء
6892 [ ص: 55 ] 94 - حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا عبد الواحد ، حدثنا معمر ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله قال : حدثني ابن عباس رضي الله عنهما قال : كنت أقرئ عبد الرحمن بن عوف ، فلما كان آخر حجة حجها عمر ، فقال عبد الرحمن بمنى : لو شهدت أمير المؤمنين أتاه رجل قال : إن فلانا يقول : لو مات أمير المؤمنين لبايعنا فلانا ، فقال عمر : لأقومن العشية فأحذر هؤلاء الرهط الذين يريدون أن يغصبوهم ، قلت : لا تفعل ، فإن الموسم يجمع رعاع الناس ويغلبون على مجلسك ، فأخاف أن لا ينزلوها على وجهها فيطير بها كل مطير ، فأمهل حتى تقدم المدينة دار الهجرة ودار السنة فتخلص بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار فيحفظوا مقالتك وينزلوها على وجهها ، فقال : والله لأقومن به في أول مقام أقومه بالمدينة .

قال ابن عباس : فقدمنا المدينة فقال :
إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق وأنزل عليه الكتاب فكان فيما أنزل آية الرجم .



مطابقته للترجمة في قوله : " دار الهجرة ودار السنة ، فتخلص بأصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم من المهاجرين والأنصار " وذكر في الترجمة ما يتعلق بوصف المدينة بهذه الأشياء .

وموسى بن إسماعيل البصري التبوذكي يروي عن عبد الواحد بن زياد ، عن معمر - بفتح الميمين - ابن راشد ، عن محمد بن مسلم الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود .

وهذا الحديث قطعة من حديث طويل قد مضى في كتاب الحدود في باب رجم الحبلى من الزنا إذا أحصنت ، ومضى الكلام فيه مبسوطا .

قوله : " أقرئ " بضم الهمزة من الإقراء ، قوله : " فلما كان آخر حجة " جواب لما محذوف نحو رجع عبد الرحمن بن عوف من عند عمر رضي الله تعالى عنهما ، قوله : " بمنى " يحتمل أن يتعلق بقوله : " كنت أقرئ " ، قوله : " لو شهدت " كلمة لو إما للتمني وإما جزاؤه محذوف ، قوله : " الذين يريدون أن يغصبوهم " أي الذين يقصدون أمورا ليس ذلك وظيفتهم ولا لهم مرتبة ذلك فيريدون أن يباشرونها بالظلم والغصب ، قوله : " رعاع الناس " بفتح الراء وتخفيف العين المهملة الأولى وهم أحداث الناس وأراذلهم ، قوله : " ويغلبون على مجلسك " أي يكثرون في مجلسك ، قوله : " لا ينزلوها " بضم الياء ، أي لا ينزلون خطبتك أو وصيتك أو كلماتك أو مقالتك ، والقرينة على ذلك قوله : " على وجهها " أي على ما ينبغي حق كلامك ، قوله : " فيطير بها كل مطير " قال صاحب التوضيح : أي يتأول على خلاف وجهها ، قلت : معناه ينقلها كل ناقل بالسرعة والانتشار لا بالتأني والضبط ، وقوله : " يطير " بفتح الياء ، مضارع من طار ، وقوله : " كل مطير " فاعله ، والمطير بضم الميم اسم فاعل من أطار ، وقال الكرماني : ويروى " فيطيروا بها " بصيغة المجهول من التطير مفردا وجمعا " وكل مطير " بفتح الميم وكسر الطاء ، ويروى مطار بضم الميم ، قوله : " فأمهل " أمر من الإمهال أي اصبر ولا تستعجل ، قوله : " دار الهجرة " بالنصب على البدلية من المدينة ، قوله : " فتخلص " بالنصب أي حتى تقدم المدينة فتصل بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قوله : " فيحفظوا " عطف على قوله : " فتخلص .

قوله : " قال ابن عباس " موصول بالسند المذكور ، قوله : " بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق " حذف منه قطعة كبيرة بين قوله : " فقدمنا المدينة " وبين قوله : " فقال " إلى آخره ، مضى بيانها في الباب المذكور في الحدود ، قوله : " آية الرجم " وهي قوله : " الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما " وهو منسوخ التلاوة باقي الحكم .

التالي السابق


الخدمات العلمية