صفحة جزء
6935 باب قول الله تعالى : وأمرهم شورى بينهم ، وشاورهم في الأمر وأن المشاورة قبل العزم والتبين لقوله تعالى : فإذا عزمت فتوكل على الله


أي : هذا باب في قول الله تعالى : وأمرهم شورى بينهم الشورى على وزن فعلى المشورة ، تقول منه : شاورته في الأمر واستشرته بمعنى ، ومعنى أمرهم شورى بينهم أي : يتشاورون . قوله : وشاورهم في الأمر اختلفوا في أمر الله - عز وجل - رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يشاور أصحابه ، فقالت طائفة : في مكائد الحروب وعند لقاء العدو تطييبا لنفوسهم وتأليفا لهم على دينهم وليروا أنه يسمع منهم ويستعين بهم ، وإن كان الله أغناه عن رأيهم بوحيه ، روي هذا عن قتادة والربيع وابن إسحاق ، وقالت طائفة : فيما لم يأته فيه وحي ليبين لهم صواب الرأي ، وروي عن الحسن والضحاك قالا : ما أمر الله نبيه بالمشاورة لحاجته إلى رأيهم ، وإنما أراد أن يعلمهم ما في المشورة من الفضل ، وقال آخرون : إنما أمر بها مع غناه عنهم لتدبيره تعالى له وسياسته إياه ليستن به من بعده ويقتدوا به فيما ينزل بهم من النوازل ، وقال الثوري : وقد سن رسول الله - صلى [ ص: 79 ] الله تعالى عليه وسلم - الاستشارة في غير موضع ، استشار أبا بكر وعمر - رضي الله تعالى عنهما - في أسارى بدر ، وأصحابه يوم الحديبية . قوله : " وأن المشاورة " عطف على قول الله . قوله : " قبل العزم " أي : على الشيء ، " وقبل التبين " أي : وضوح المقصود لقوله تعالى : فإذا عزمت الآية ، وجه الدلالة أنه أمر أولا بالمشاورة ، ثم رتب التوكل على العزم ، وعقبه عليه ; إذ قال : وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل وقال قتادة : أمر الله نبيه إذا عزم على أمر أن يمضي فيه ويتوكل على الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية