صفحة جزء
6946 باب قول الله تعالى : السلام المؤمن


أي : هذا باب في قوله عز وجل : السلام المؤمن كذا في رواية الجميع ، وزاد ابن بطال المهيمن ، وقال : غرضه بهذا إثبات أسماء من أسماء الله تعالى ، وكأنه أراد بهذا القدر الإشارة إلى الآيات الثلاث المذكورة في آخر سورة الحشر ، قال شيخ شيخي الطيبي رحمه الله : السلام مصدر نعت به ، والمعنى ذو السلامة من كل آفة ونقيصة ، أي : الذي سلمت ذاته عن الحدوث والعيب وصفاته عن النقص وأفعاله عن الشر المحض ، وهو من أسماء التنزيه ، وفي الحديث الصحيح أنه اسم من أسماء الله تعالى ، وقد أطلق على التحية الواقعة بين المؤمنين ، وقيل : السلام في حقه تعالى الذي سلم المؤمنون من عقوبته ، واختلف في تأويل قوله تعالى : والله يدعو إلى دار السلام فقيل : الجنة ; لأنه لا آفة فيها ولا كدر ، فالسلام على هذا والسلامة بمعنى ، كاللذاذ واللذاذة ، وقال قتادة : الله السلام وداره الجنة . قوله : " المؤمن " قال شيخ شيخي : المؤمن في الأصل الذي يجعل غيره آمنا ، وفي حق الله تعالى على وجهين ( أحدهما ) أن يكون صفة ذات ، وهو أن يكون متضمنا لكلام الله تعالى الذي هو تصديقه لنفسه في أخباره ولرسله في صحة دعواهم الرسالة . ( والثاني ) أن يكون متضمنا صفة فعل هي أمانة رسله وأوليائه المؤمنين به من عقابه وأليم عذابه . قوله : " المهيمن " راجع إلى معنى الحفظ والرعاية ، وذلك صفة فعل له - عز وجل - وقد روى البيهقي من حديث ابن عباس في قوله : ومهيمنا عليه قال مؤتمنا عليه ، وفي رواية علي بن أبي طلحة عنه : المهيمن الأمين ، القرآن أمين على كل كتاب قبله ، وقيل : الرقيب على الشيء والحافظ له ، وقال شيخ شيخي : المهيمن الرقيب المبالغ في المراقبة والحفظ ، من قولهم : هيمن الطير إذا نشر جناحه على فرخه صيانة له ، وقيل : أصله مؤيمن فقلبت الهمزة هاء فصار مهيمن ، قاله الخطابي وابن قتيبة ومن تبعهما ، واعترض إمام الحرمين ونقل الإجماع على أن أسماء الله تعالى لا تصغر ، قلت : هم ما ادعوا أنه مصغر حتى يصح الاعتراض عليهم ، ومهيمن غير مصغر ; لأن وزنه مفيعل وليس هذا من أوزان التصغير .

التالي السابق


الخدمات العلمية