صفحة جزء
6948 [ ص: 89 ] باب قول الله تعالى : وهو العزيز الحكيم ، سبحان ربك رب العزة عما يصفون ولله العزة ولرسوله ومن حلف بعزة الله وصفاته .


أي : هذا باب في قول الله - عز وجل - وهو العزيز الحكيم ذكر فيه ثلاث قطع من ثلاث آيات . ( الأولى ) قوله تعالى : وهو العزيز الحكيم فالعزيز متضمن للعزة ، ويجوز أن يكون صفة ذات ، يعني القدرة والعظمة ، وأن يكون صفة فعل بمعنى القهر لمخلوقاته والغلبة لهم ، وقال الحليمي : معناه الذي لا يوصل إليه ولا يمكن إدخال مكروه عليه ، فإن العزيز في لسان العرب من العزة وهي الصلابة ، وقال الخطابي : العزيز المنيع الذي لا يغلب ، والعز قد يكون من الغلبة ، يقال : منه عز يعز بفتح العين ، وقد يكون بمعنى نفاسة القدر ، يقال : منه عز يعز بكسر العين ، فيؤول معنى العز على هذا ، وأنه لا يعازه شيء . قوله : " الحكيم " متضمن لمعنى الحكمة ، وهو إما صفة ذات يكون بمعنى العلم ، والعلم من صفات الذات ، وإما صفة فعل بمعنى الأحكام .

( الآية الثانية ) سبحان ربك رب العزة ففي إضافة العزة إلى الربوبية إشارة إلى أن المراد ههنا القهر والغلبة ، ويحتمل أن يكون الإضافة للاختصاص ، كأنه قيل : ذو العزة ، وأنها من صفات الذات ، والتعريف في العزة للجنس ، فإذا كانت العزة كلها لله تعالى فلا يصح أن يكون أحد معتزا إلا به ، ولا عزة لأحد إلا وهو مالكها .

( والآية الثالثة ) يعرف حكمها من الثانية ، وهي بمعنى الغلبة ; لأنها جواب لمن ادعى أنه الأعز وأن ضده الأذل ، فرد عليه بأن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين فهو كقوله : كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز

قوله : " ومن حلف بعزة الله وصفاته " كذا في رواية الأكثرين ، وفي رواية المستملي وسلطانه بدل وصفاته ، والأول أولى ، وقد تقدم في كتاب الأيمان والنذور باب الحلف بعزة الله وصفاته وكلامه ، وقد تقدم الكلام فيه ، وقال ابن بطال ما ملخصه : الحالف بعزة الله التي هي صفة ذات يحنث ، والحالف بعزة الله التي هي صفة فعل لا يحنث ، بل هو منهي عن الحلف بها كما نهي عن الحلف بحق السماء وحق زيد ، انتهى ، لكن إذا أطلق الحالف انصرف إلى صفة الذات وانعقد اليمين ، إلا إن قصد خلاف ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية