صفحة جزء
6984 48 - حدثنا أحمد، حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي، حدثنا حماد بن زيد، عن ثابت، عن أنس قال: جاء زيد بن حارثة يشكو، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: اتق الله وأمسك عليك زوجك. قالت عائشة: لو كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كاتما شيئا لكتم هذه، قال: فكانت زينب تفخر على أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - تقول: زوجكن أهاليكن وزوجني الله تعالى من فوق سبع سماوات.

وعن ثابت: وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس نزلت في شأن زينب وزيد بن حارثة.


مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله: "من فوق سبع سماوات" لأن المراد من فوق سبع سماوات هو العرش، ويؤيده ما رواه أبو القاسم التيمي في كتاب الحجة من طريق داود بن أبي هند عن عامر الشعبي قال: كانت زينب تقول للنبي - صلى الله تعالى عليه وسلم -: أنا أعظم نسائك عليك حقا، أنا خيرهن منكحا، وأكرمهن سفيرا، وأقربهن رحما، زوجنيك الرحمن من فوق عرشه، وكان جبريل - عليه السلام - هو السفير بذلك، وأنا ابنة عمتك، وليس لك من نسائك قريبة غيري.

وشيخ البخاري أحمد كذا وقع لجميع الرواة غير منسوب، وذكر أبو نصر الكلاباذي أنه أحمد بن سيار المروزي، وذكر الحاكم أنه أحمد بن النضر النيسابوري، وهو المذكور في سورة الأنفال، وقال صاحب التوضيح: قال فيه ابن البيع: هو أبو الفضل أحمد بن نصر بن [ ص: 114 ] عبد الوهاب النيسابوري، وقال غيره: هو أبو الحسن أحمد بن سيار بن أيوب بن عبد الرحمن المروزي، واقتصر عليه صاحب الأطراف نقلا، روى عنه النسائي، ومات سنة ثمان وستين ومائتين، وقال جامع رجال الصحيحين: أحمد غير منسوب، حدث عن أبي بكر بن محمد المقدمي في التوحيد، وعن عبيد الله بن معاذ في تفسير سورة الأنفال، روى عنه البخاري، يقال: إنه أحمد بن سيار المروزي، فإنه حدث عن المقدمي، فأما الذي حدث عن عبيد الله بن معاذ فهو أحمد بن النضر بن عبد الوهاب على ما حكاه أبو عبد الله بن البيع، عن أبي عبد الله الأخرم، وهو حديث آخر.

والحديث ذكره المزي في الأطراف.

قوله: "جاء زيد بن حارثة" بالحاء المهملة وبالثاء المثلثة مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

قوله: "يشكو" أي: من أخلاق زوجته زينب بنت جحش، وقال الداودي: الذي شكاه من زينب وأمها أميمة بنت عبد المطلب عمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان من لسانها، وهم يرون أنه ابن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما أراد طلاقها قال له - صلى الله عليه وسلم -: (أمسك عليك زوجك) وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب طلاقه إياها، فكره أن يقول له: طلقها فيسمع الناس بذلك.

قوله: "قالت عائشة" موصول بالسند المذكور وليس بتعليق، كذا وقع في الأصول قالت عائشة: لو كان رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - كاتما شيئا لكتم هذه، أي: الآية، وهي: وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه وقال الداودي: وقال أنس: لو كان إلخ، موضع "وقالت عائشة" واقتصر عياض في الشفاء على نسبته إلى عائشة، وأغفل حديث أنس هذا، وهو عند البخاري، وفي مسند الفردوس من وجه آخر عن عائشة من لفظه - صلى الله عليه وسلم -: "لو كنت كاتما شيئا من الوحي" الحديث.

قوله: "أهاليكن" الأهالي جمع أهل على غير القياس، والقياس أهلون، وأهل الرجل امرأته وولده وكل من في عياله، وكذا كل أخ أو أخت أو عم أو ابن عم أو صبي أجنبي يعوله في منزله، وعن الأزهري: أهل الرجل أخص الناس به، ويكنى به عن الزوجة، ومنه: وسار بأهله وأهل البيت سكانه، وأهل الإسلام من تدين به، وأهل القرآن من يقرؤونه ويقومون بحقوقه.

قوله: "من فوق سبع سماوات" لما كانت جهة العلو أشرف من غيرها أضيفت إلى "فوق سبع سماوات" وقال الراغب: فوق يستعمل في المكان والزمان والجسم والعدد والمنزلة والقهر.

(فالأول) باعتبار العلو ويقابله تحت، نحو: قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم .

(والثاني) باعتبار الصعود والانحدار، نحو: إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم .

(والثالث) في العدد، نحو: فإن كن نساء فوق اثنتين .

(والرابع) في الكبر والصغر كقوله: بعوضة فما فوقها .

(والخامس) يقع تارة باعتبار الفضيلة الدنيوية، نحو: ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات أو الأخروية، نحو: والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة .

(والسادس) نحو قوله تعالى: وهو القاهر فوق عباده يخافون ربهم من فوقهم

قوله: "وعن ثابت" أي: البناني، وهو موصول بالسند المذكور.

قوله: "ما الله مبديه" أي: مظهره، والذي كان أخفى في نفسه هو علمه بأن زيدا سيطلقها، ثم ينكحها، والله أعلمه بذلك، والواو في وتخفي في نفسك وفي وتخشى الناس للحال، أي: تقول لزيد: أمسك عليك زوجك، والحال أنك تخفي في نفسك أن لا يمسكها، وقال الزمخشري: يجوز أن تكون واو العطف كأنه قيل: وإذ تجمع بين قولك أمسك وإخفاء خلافه؛ خشية الناس، والله أحق أن تخشاه.

التالي السابق


الخدمات العلمية