صفحة جزء
718 [ ص: 310 ] 139 - حدثنا مسدد قال: حدثنا أبو الأحوص قال: حدثنا أشعث بن سليم، عن أبيه، عن مسروق، عن عائشة رضي الله عنها قالت: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الالتفات في الصلاة؟ فقال: هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد.


وجه مطابقته للترجمة ظاهر جدا.

(ذكر رجاله) وهم ستة: الأول: مسدد بن مسرهد .

الثاني: أبو الأحوص سلام بتشديد اللام ابن سليم بضم السين الحافظ الكوفي .

الثالث: أشعث بن سليم بضم السين المحاربي الكوفي .

الرابع: أبوه سليم بن الأسود بن المحاربي الكوفي أبو الشعثاء .

الخامس: مسروق بن الأجدع الهمداني الكوفي .

السادس: أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها.

(ذكر لطائف إسناده) فيه التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع، وفيه العنعنة في ثلاثة مواضع، وفيه القول في ثلاثة مواضع، وفيه أن رواته كلهم كوفيون ما خلا شيخ البخاري فإنه بصري، وفي سند هذا الحديث اختلاف على أشعث، والراجح رواية أبي الأحوص، ووافقه زائدة عند النسائي، قال: أخبر عمرو بن علي قال: حدثنا عبد الرحمن قال: حدثنا زائدة، عن أشعث بن أبي الشعثاء، عن أبيه، عن مسروق، عن عائشة قالت: " سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم " إلى آخره نحو رواية البخاري، ووافقه أيضا شيبان عند ابن خزيمة، ومسعر عند ابن حبان، وخالفهم إسرائيل فرواه عن أشعث، عن أبي عطية، عن مسروق، ووقع عند البيهقي من رواية مسعر، عن أشعث عن أبي وائل، وهذه الرواية شاذة.

(ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره) أخرجه البخاري أيضا في صفة إبليس، عن الحسن بن الربيع، عن أبي الأحوص، وأخرجه أبو داود في الصلاة عن مسدد به، وأخرجه النسائي فيه عن عمرو بن علي عن ابن مهدي، عن زائدة، عن أشعث نحوه، وعن عمرو بن علي عن ابن مهدي، عن إسرائيل، عن أشعث، عن أبي عطية، عن مسروق به.

وعن أحمد بن بكار الحراني، عن مخلد بن يزيد الحراني، لا بأس به عن إسرائيل، عن أشعث عن أبي عطية، عن مسروق به.

وعن هلال بن العلاء عن المعافى، وهو ابن سليمان، عن القاسم بن معن، عن الأعمش، عن عمارة، وهو ابن عمير، عن أبي عطية قال: قالت عائشة : إن الالتفات في الصلاة اختلاس يختلسه الشيطان من الصلاة، وأبو عطية اسمه مالك بن عامر .

(ذكر معناه) قوله: " هو اختلاس " وهو الاختطاف بسرعة، وفي النهاية لابن الأثير : الاختلاس افتعال من الخلسة، وهو ما يؤخذ سلبا مكابرة. قوله: " يختلس الشيطان " كذا هو بحذف الضمير الذي هو المفعول في رواية الأكثرين، وفي رواية الكشميهني : " يختلسه " بإظهار الضمير المنصوب، وكذا هو في رواية أبي داود عن مسدد شيخ البخاري، والمعنى أن المصلي إذا التفت يمينا أو شمالا يظفر به الشيطان في ذلك الوقت، ويشغله عن العبادة، فربما يسهو أو يغلط؛ لعدم حضور قلبه باشتغاله بغير المقصود، ولما كان هذا الفعل غير مرضي عنه نسب إلى الشيطان، وعن هذا قالت العلماء بكراهة الالتفات في الصلاة، وقال الطيبي : المعنى: من التفت ذهب عنه الخشوع، فاستعير لذهابه اختلاس الشيطان تصويرا لقبح تلك الفعلة، أو أن المصلي مستغرق في مناجاة ربه، وأنه تعالى يقبل عليه، والشيطان كالراصد ينتظر فوات تلك الحالة عنه، فإذا التفت المصلي اغتنم الفرصة فيختلسها منه، وقال ابن بزيزة : أضيف إلى الشيطان؛ لأن فيه انقطاعا من ملاحظة التوجه إلى الحق سبحانه وتعالى، ثم إن الإجماع على أن الكراهية فيه للتنزيه، وقال المتولي من الشافعية: إنه حرام، وقال الحكم : من تأمل من عن يمينه أو شماله في الصلاة حتى يعرفه فليست له صلاة، وقال أبو ثور : إن التفت ببدنه كله أفسد صلاته، وإذا التفت عن يمينه أو شماله مضى في صلاته، ورخص فيه طائفة، فقال ابن سيرين : رأيت أنس بن مالك يشرف إلى الشيء في صلاته ينظر إليه، وقال معاوية بن قرة : قيل لابن عمر : إن ابن الزبير إذا قام إلى الصلاة لم يتحرك ولم يلتفت، قال: لكنا نتحرك ونلتفت، وكان إبراهيم يلتفت يمينا وشمالا، وكان ابن مغفل يفعله، وقال مالك : الالتفات لا يقطع الصلاة، وهو قول الكوفيين، وقول عطاء، والأوزاعي، وقال ابن القاسم [ ص: 311 ] فإن التفت بجميع بدنه لا يقطع الصلاة، ووجهه أنه صلى الله تعالى عليه وسلم - لم يأمر منه بالإعادة حين أخبر أنه اختلاس من الشيطان، ولو وجبت فيه الإعادة لأمرنا بها؛ لأنه نصب معلما، كما أمر الأعرابي بالإعادة مرة بعد أخرى، وقال القفال في فتاويه: وإذا التفت في صلاته التفاتا كثيرا في حال قيامه إن كان جميع قيامه كذلك بطلت صلاته، وإن كان في بعضه فلا؛ لأنه عمل يسير قال: وكذا في الركوع والسجود لو صرف وجهه وجبهته عن القبلة لم يجز؛ لأنه مأمور بالتوجه إلى الكعبة في ركوعه وسجوده، قال: ولو حول أحد شقيه عن القبلة بطلت صلاته؛ لأنه عمل كثير، وممن كان لا يلتفت فيها الصديق والفاروق، ونهى عنه أبو الدرداء، وأبو هريرة، وقال ابن مسعود : إن الله لا يزال ملتفتا إلى العبد ما دام في صلاته ما لم يحدث أو يلتفت .

وقال عمرو بن دينار : رأيت ابن الزبير يصلي في الحجر فجاءه حجر قدامه، فذهب بطرف ثوبه فما التفت، وقال ابن أبي مليكة : إن ابن الزبير كان يصلي بالناس، فدخل سيل في المسجد فما أنكر الناس من صلاته شيئا حتى فرغ، وفي المبسوط حد الالتفات المكروه أن يلوي عنقه حتى يخرج من جهة القبلة، والالتفات عن يمنة أو يسرة انحراف عن القبلة ببعض بدنه، فلو انحرف بجميع بدنه تفسد صلاته، ولو نظر بمؤخر عينيه يمنة أو يسرة من غير أن يلوي عنقه لا يكره على ما نذكره إن شاء الله تعالى.

وقد وردت أحاديث كثيرة في هذا الباب، منها: حديث أنس أخرجه الترمذي عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم " يا بني، إياك والالتفات في الصلاة؛ فإن الالتفات في الصلاة هلكة قال: فإن كان ولا بد ففي التطوع لا في الفريضة "، وقال الترمذي : هذا حديث حسن، وانفرد بهذا الحديث.

ومنها: حديث أبي ذر أخرجه أبو داود والنسائي عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: " لا يزال الله عز وجل مقبلا على العبد في صلاته ما لم يلتفت، فإذا صرف وجهه انصرف عنه "، ورواه الحاكم في المستدرك، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

ومنها: حديث أبي الدرداء أخرجه الطبراني في الكبير قال: " سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول " فذكر حديثا في آخره: " إياكم والالتفات في الصلاة؛ فإنه لا صلاة لملتفت، فإن غلبتم في التطوع فلا تغلبوا في الفريضة ". وفيه عطاء بن عجلان وهو ضعيف.

ومنها حديث جابر أخرجه البزار في مسنده قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: " إذا قام الرجل في الصلاة أقبل الله عليه بوجهه، فإذا التفت قال: يا ابن آدم، إلى من تلتفت؟ إلى من هو خير لك مني! أقبل إلي، فإذا التفت الثانية قال مثل ذلك، وإذا التفت الثالثة صرف الله تعالى وجهه عنه "، وفيه الفضل بن عيسى وهو ضعيف.

ومنها: حديث عبد الله بن سلام أخرجه الطبراني أيضا قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: " لا صلاة لملتفت "، وفيه الصلت بن طريف قال الدارقطني : مضطرب الحديث.

ومنها: حديث أبي هريرة أخرجه الطبراني أيضا، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " إياكم والالتفات في الصلاة؛ فإن أحدكم يناجي ربه ما دام في صلاته " حديث آخر عن أنس أخرجه ابن حبان في كتاب الضعفاء قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: " المصلي يتناثر على رأسه الخير من عنان السماء إلى مفرق رأسه، وملك ينادي: لو يعلم هذا العبد من يناجي ما انفتل " وفيه عباد بن كثير قال ابن حبان : هو عندي لا شيء في الحديث، قال: وكان ابن معين يوثقه، وليس هذا بعباد بن كثير الثقفي ساكن مكة، ومن الناس من جعلهما واحدا، وفيه نظر، وجه النظر أن عباد بن كثير الذي في سند الحديث المذكور روى عن الثوري، وروى عنه يحيى بن يحيى، والثقفي مات قبل الثوري، وأبى الثوري أن يشهد جنازته، ويحيى بن يحيى كان طفلا صغيرا.

التالي السابق


الخدمات العلمية