صفحة جزء
729 [ ص: 23 ] 151 - حدثنا عبد الله بن يوسف قال : أخبرنا مالك ، عن ابن شهاب ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : إن أم الفضل سمعته وهو يقرأ : والمرسلات عرفا فقالت : يا بني والله لقد ذكرتني بقراءتك هذه السورة ، إنها لآخر ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها في المغرب


مطابقته للترجمة ظاهرة ، ورجاله قد ذكروا غير مرة ، وابن شهاب هو محمد بن مسلم الزهري ، وأخرجه البخاري أيضا في المغازي ، عن يحيى بن بكير ، وأخرجه مسلم في الصلاة ، عن يحيى بن يحيى ، عن مالك ، وعن أبي بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد ، وعن حرملة بن يحيى ، وعن إسحاق بن إبراهيم ، وعبد بن حميد ، كلاهما عن عبد الرزاق ، وأخرجه أبو داود فيه ، عن القعنبي ، عن مالك ، وأخرجه الترمذي فيه عن هناد ، وأخرجه النسائي فيه ، عن قتيبة ، عن سفيان به مختصرا ، وفي التفسير عن محمد بن سلمة والحارث بن مسكين ، وأخرجه ابن ماجه فيه عن أبي بكر بن أبي شيبة وهشام بن عمار ، كلاهما عن سفيان به .

قوله : “ إن أم الفضل "هي والدة ابن عباس الراوي عنها ، وبذلك صرح الترمذي في روايته فقال : عن أمه أم الفضل ، واسمها لبابة بنت الحارث زوجة العباس ، وهي أخت ميمونة بنت الحارث زوج النبي صلى الله عليه وسلم . قوله : " سمعته " أي سمعت ابن عباس ، وفيه التفات من الحاضر إلى الغائب لأن القياس يقتضي أن يقال سمعتني ، وإنما لم يقل إن أمي لشهرتها بذلك . قوله : " وهو يقرأ " جملة اسمية وقعت حالا والضمير يرجع إلى ابن عباس ، وفيه التفات أيضا من الحاضر إلى الغائب لأن القياس يقتضي وأنا أقرأ ، وقال الكرماني : ويقرأ إما حال وإما استئناف ، وعلى الحال يحتمل سماعها منه صلى الله عليه وسلم القرآن بعد ذلك ، وعلى الاستئناف لا يحتمل . قوله : " فقالت : يا بني " ويروى " فقلت " وبني بضم الباء تصغير ابن ، وهذا تصغير الشفقة والترحم . قوله : " لقد ذكرتني " بالتشديد ، أي ذكرتني شيئا نسيته ، قال الكرماني : ويروى بالتخفيف ، ويروى أيضا : بقرآنك ، على وزن الفعلان ، أراد به بضم القاف وسكون الراء وبعد الألف نون . قوله : " هذه السورة " منصوب بقوله " بقراءتك " على مختار البصريين ، وبقوله ذكرتني على مختار الكوفيين . قوله : " إنها “ أي إن هذه السورة لآخر ما سمعت ، ويروى ما سمعته بزيادة ضمير المنصوب ، فإن قلت صرح عقيل في روايته عن ابن شهاب أنها آخر صلوات النبي صلى الله عليه وسلم ، ذكره البخاري في باب الوفاة ولفظه : " ثم ما صلى لنا بعدها حتى قبضه الله " وذكر في باب إنما جعل الإمام ليؤتم به من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها : إن الصلاة التي صلاها النبي عليه الصلاة والسلام بأصحابه في مرض موته كانت الظهر ، قلت : التوفيق بينهما أن الصلاة التي حكتها عائشة كانت في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ، والصلاة التي حكتها أم الفضل كانت في بيته ، كما رواه النسائي : " صلى بنا في بيته المغرب فقرأ المرسلات ، وما صلى بعدها صلاة حتى قبض صلى الله عليه وسلم " فإن قلت : روى الترمذي : حدثنا هناد قال : أخبرنا عبدة ، عن محمد بن إسحاق ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس ، عن أمه أم الفضل قالت : خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عاصب رأسه في مرضه فصلى المغرب فقرأ بالمرسلات ، فما صلاها بعد حتى لقي الله ، وقال : حديث أم الفضل حديث حسن صحيح ، قلت : يحمل قولها خرج إلينا على أنه خرج من مكانه الذي كان راقدا فيه إلى الحاضرين في البيت فصلى بهم ، فيحصل الالتئام بذلك في الروايات ، وقال الترمذي : روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ في المغرب بالطور ، وقد ذكره البخاري مسندا على ما يجيء عن قريب .

التالي السابق


الخدمات العلمية