صفحة جزء
753 174 - حدثنا أبو النعمان قال : حدثنا حماد ، عن غيلان بن جرير ، عن مطرف بن عبد الله قال : صليت خلف علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنا وعمران بن حصين ، فكان إذا سجد كبر ، وإذا رفع رأسه كبر ، وإذا نهض من الركعتين كبر ، فلما قضى الصلاة أخذ بيدي عمران بن حصين فقال : قد ذكرني هذا صلاة محمد صلى الله عليه وسلم ، أو قال : لقد صلى بنا صلاة محمد صلى الله عليه وسلم


مطابقته للترجمة في قوله : " فكان إذا سجد كبر " .

ذكر رجاله : وهم خمسة ، أبو النعمان محمد بن الفضل السدوسي ، وحماد هو ابن زيد ، وغيلان بفتح الغين المعجمة وسكون الياء آخر الحروف ، وابن جرير بفتح الجيم ومطرف بضم الميم قد مضى عن قريب .

ذكر معناه : قوله : " صليت خلف علي " قد مضى في الباب السابق أن ذلك كان بالبصرة ، وكذا رواه سعيد بن منصور من رواية حميد بن هلال ، عن عمران ، ووقع في رواية أحمد من رواية سعيد بن أبي عروبة ، عن غيلان بالكوفة ، وكذا في رواية عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة وغير واحد ، عن مطرف ، ويحتمل أن يكون ذلك وقع مرتين مرة بالبصرة ومرة بالكوفة . قوله : " أنا " إنما ذكر هذه اللفظة ليصح العطف على الضمير الذي في صليت ، وهذا [ ص: 60 ] على رأي البصريين . قوله : " فلما قضى الصلاة " أي أداها ، وليس المراد به القضاء الاصطلاحي . قوله : " قد ذكرني " بتشديد الكاف ، وفي رواية الكشميهني " لقد ذكرني " قوله : “ هذا " أي علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه ، وذلك لأنه كان يكبر في كل انتقالاته . قوله : " أو قال " شك من أحد رواته ، قيل : يحتمل أن يكون الشك من حماد ; لأن أحمد رواه من رواية سعيد بن أبي عروبة بلفظ " صلى بنا مثل صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم " ولم يشك ، وفي رواية قتادة " عن مطرف ، قال عمران : ما صليت منذ حين أو منذ كذا وكذا أشبه بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه الصلاة " .

ذكر ما يستفاد منه : استدل البعض بقوله " صليت خلف علي بن أبي طالب أنا وعمران " على أن موقف الاثنين يكون خلف الإمام خلافا لمن يقول يجعل أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله ، قلت : هذا استدلال غير تام لأنه لم يذكر فيه أنه لم يكن معهما غيرهما ، وفيه خص بذكر السجود والرفع والنهوض من الركعتين فقط ، وقد عم في رواية أبي العلاء إشعارا بأن هذه المواضع الثلاثة هي التي كان ترك التكبير فيها حتى تذكرها عمران بصلاة علي رضي الله تعالى عنه .

وفيه قال ابن بطال : ترك التكبير فيما ترك التكبير يدل على أن السلف لم يتلقوه على أنه ركن من الصلاة ، وقال بعضهم : ونقل الطحاوي الإجماع على أن من تركه فصلاته تامة ، وفيه نظر لما تقدم عن أحمد ، والخلاف في بطلان صلاته ثابت في مذهب مالك إلا أن يريد إجماعا سابقا ، قلت : لم يقل الطحاوي هكذا ، وإنما قال هذه الآثار المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في التكبير في كل رفع وخفض أولى من حديث عبد الرحمن بن أبزى وأكثر تواترا ، وقد عمل بها من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر وعلي رضي الله تعالى عنهم وتواتر بها العمل إلى يومنا هذا ، لا ينكر ذلك منكر ولا يدفعه دافع انتهى .

قلت : أراد بالآثار المروية التي أخرجها عن عبد الله بن مسعود وأبي مسعود البدري وأبي هريرة وأبي موسى الأشعري وأنس بن مالك ، وأشار بهذا أيضا إلى أن من جملة أسباب الترجيح كثرة عدد الرواة وشهرة المروي حتى إذا كان أحد الخبرين يرويه واحد والآخر يرويه اثنان ، فالذي يرويه اثنان أولى بالعمل به ، وقوله : “ وتواتر بها العمل إلى آخره إشارة إلى أنه يصير كالإجماع ، وفرق بين كالإجماع والإجماع .

التالي السابق


الخدمات العلمية