صفحة جزء
770 ( وقال نافع : كان ابن عمر يضع يديه قبل ركبتيه ) .


مطابقة هذا الأثر للترجمة من حيث اشتمالها عليه ; لأنها في الهوي بالتكبير إلى السجود ، فالهوي فعل ، والتكبير قول ، فكما أن حديث أبي هريرة المذكور في هذا الباب يدل على القول يدل أثر ابن عمر على الفعل ; لأن للهوي إلى السجود صفتين ; صفة قولية وصفة فعلية ، فأثر ابن عمر إشارة إلى الصفة الفعلية ، وأثر أبي هريرة إلى الفعلية والقولية جميعا ، فهذا هو السر في هذا الموضع . وقول بعضهم : إن أثر ابن عمر من جملة الترجمة ، فهو مترجم به لا مترجم له - غير موجه ، بل ولا يصح ذلك ; لأنه إذا كان من جملة الترجمة يحتاج إلى شيء يذكره يكون مطابقا لها ، وليس ذلك بموجود ، ثم إن هذا الأثر المعلق أخرجه ابن خزيمة والحاكم والدارقطني والبيهقي والطحاوي من طريق عبد العزيز الدراوردي ، فقال الطحاوي : حدثنا علي بن عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة قال : حدثنا أصبغ بن الفرج قال : حدثنا الدراوردي ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه إذا كان سجد بدأ بوضع يديه قبل ركبتيه ، وكان يقول : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعل ذلك ، ثم قال البيهقي : رواه ابن وهب وأصبغ بن الفرج عن عبد العزيز . ولا أراه إلا وهما ، فالمشهور عن ابن عمر ما رواه حماد بن زيد وابن علية ، عن أيوب ، عن نافع عنه قال : " إذا سجد أحدكم فليضع يديه ، فإذا رفع فليرفعهما ، فإن اليدين يسجدان ، كما يسجد الوجه " . قلت : الذي أخرجه الطحاوي أخرجه ابن خزيمة في ( صحيحه ) والحاكم في ( مستدركه ) وقال : صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه . والحديث الذي علله به فيه نظر ; لأن كلا منهما منفصل عن الآخر .

وقال الحازمي : اختلف أهل العلم في هذا الباب ; فذهب بعضهم إلى أن وضع اليدين قبل الركبتين أولى . وبه قال مالك والأوزاعي والحسن ، وفي ( المغني ) وهي رواية عن أحمد . وبه قال ابن حزم .

وخالفهم في ذلك آخرون ، ورأوا وضع الركبتين قبل اليدين أولى ، منهم عمر بن الخطاب والنخعي ومسلم بن يسار وسفيان بن سعيد والشافعي وأحمد وأبو حنيفة وأصحابه وإسحاق وأهل الكوفة ، وفي ( المصنف ) زاد : أبا قلابة ومحمد بن سيرين ، وقال أبو إسحاق : كان أصحاب عبد الله إذا انحطوا للسجود وقعت ركبهم قبل أيديهم . وحكاه البيهقي أيضا عن ابن مسعود ، وحكاه القاضي أبو الطيب عن عامة الفقهاء ، وحكاه ابن بطال عن ابن وهب ، قال : وهي رواية ابن شعبان ، عن مالك ، وقال قتادة : يضع أهون ذلك عليه ، وفي [ ص: 79 ] الأسبيجاني عن أبي حنيفة : من آداب الصلاة وضع الركبتين قبل اليدين ، واليدين قبل الجبهة ، والجبهة قبل الأنف ، ففي الوضع يقدم الأقرب إلى الأرض ، وفي الرفع يقدم الأقرب إلى السماء ; الوجه ، ثم اليدان ، ثم الركبتان ، وإن كان لابس خف يضع يديه أولا .

التالي السابق


الخدمات العلمية