صفحة جزء
812 ( وقال ابن أبي مريم ، أخبرنا نافع بن يزيد ، قال : أخبرني جعفر بن ربيعة أن ابن شهاب كتب إليه قال : حدثتني هند بنت الحارث الفراسية عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم - وكانت من صواحباتها - قالت : كان يسلم فينصرف النساء فيدخلن بيوتهن قبل أن ينصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم ) .


هذا طريق آخر في الحديث المذكور ، وهو معلق وصله محمد بن يحيى الذهلي في الزهريات ، قال : حدثنا سعيد بن أبي مريم فذكره إلى آخره . قوله : " الفراسية " ، بكسر الفاء وتخفيف الراء وكسر السين المهملة وتشديد الياء آخر الحروف ، نسبة إلى بني فراس ، وهم بطن من كنانة ، وفراس هو ابن غنم بن ثعلبة بن مالك بن كنانة ، قال ابن دريد : فراس مشتق من الفرس ، وهو دق العنق ، وهذا كما رأيت ذكرها البخاري في الطريق الأول الموصول بلا نسبة ، حيث قال : عن هند بنت الحارث عن أم سلمة ، وهنا الذي هو الطريق الثاني المعلق ذكرها بنسبتها إلى بني فراس ، وذكرها في الطريق الثالث عن ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب كذلك : الفراسية ، وذكرها في الطريق الرابع عن عثمان بن عمر عن يونس عن الزهري : القرشية ، في بعض الروايات وفي أخرى : الفراسية ، وذكرها في الطريق الخامس عن الزبيدي عن الزهري : الفراسية ، وفي بعضها : القرشية ، مع زيادة ذكر في وصفها على ما يأتي ، وذكرها في الطريق السادس عن شعيب عن الزهري : القرشية ، وقد ذكرها الفراسية في الطريق السابع عن ابن أبي عتيق عن الزهري ، وذكرها في الطريق الثامن عن الليث عن يحيى بن سعيد عن ابن شهاب عن امرأة من قريش ، وأشار البخاري بهذا إلى بيان الاختلاف في نسبة هند بنت الحارث المذكورة ، والحاصل أن منهم من قال : الفراسية ، ومنهم من قال : القرشية ، والتوفيق بينهما من حيث قال : إن كنانة جماع قريش فلا مغايرة بين النسبتين ، ومن قال : إن جماع قريش فهر بن مالك ، فيحمل على أن اجتماع النسبتين لهند يكون إحداهما بطريق الأصالة والأخرى بطريق المحالفة . وقال الداودي : وليس هذا الاختلاف بمانع من أن تكون فراسية من بني فراس ثم من بني فارس ثم من بني قريش ، فنسبت مرة إلى أب من آبائها ومرة إلى أب آخر ومرة إلى غيره من آبائها ، كما يقال في جابر بن عبد الله : السلمي والأنصاري ، وسعد بن ساعدة : الساعدي والأنصاري . واعترض ابن التين على قول الداودي : ثم من بني فارس ، وقال : ما علمت له وجها ، لأن فارس أعجمي وفراس وقريش عرب ، وليس في البخاري ذكر فارس ، ثم ذكر عن أبي عمر أنه قال : جعلت قرشية لما حالفها زوجها .

قوله : “ من صواحباتها " ، الصواحبات جمع صواحب ، وهو جمع الجمع ، وليس بجمع صاحبة كما قال بعضهم . قوله : " كان يسلم " ، أي : النبي صلى الله عليه وسلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية