صفحة جزء
814 ( وكان أنس ينفتل عن يمينه وعن يساره ويعيب على من يتوخى أو من يعمد الانفتال عن يمينه )


مطابقته للترجمة ظاهرة ، وهو تعليق وصله مسدد في مسنده الكبير من طريق سعيد عن قتادة ، قال : كان أنس رضي الله تعالى عنه ، فذكره ، وقال فيه : ويعيب على من يتوخى ذلك أن لا ينفتل إلا عن يمينه ويقول : يدور كما يدور الحمار . ويدل عليه ما رواه ابن ماجه بسند صحيح عن عمر بن شعيب عن أبيه عن جده : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفتل عن يمينه وعن يساره في الصلاة . وكذلك ما رواه ابن حبان في صحيحه من حديث قبيصة بن هلب عن أبيه قال : أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان ينصرف عن جانبيه جميعا . وأخرجه أبو داود وابن ماجه والترمذي ، وقال : صح الأمران عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولفظ أبي داود : حدثنا أبو الوليد الطيالسي ، حدثنا شعبة ، عن سماك بن حرب ، عن قبيصة بن هلب - رجل من طيئ - عن أبيه ، أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم فكان ينصرف مع شقيه ، يعني مع جانبيه يعني تارة عن يمينه وتارة عن شماله ، ولفظ الترمذي : حدثنا قتيبة ، حدثنا أبو الأحوص ، عن سماك بن حرب ، عن قبيصة بن هلب ، عن أبيه ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤمنا فينصرف على جانبيه ; على يمينه وشماله . وقال : حديث حسن ، وعليه العمل عند أهل العلم أنه ينصرف على أي جانبيه شاء ; إن شاء عن يمينه ، وإن شاء عن يساره ، ويروى عن علي رضي الله تعالى عنه أنه قال : إن كانت حاجته عن يمينه أخذ عن يمينه ، وإن كانت حاجته عن يساره أخذ عن يساره . وهلب ، بضم الهاء وسكون اللام ، وقيل : الصواب فيه فتح الهاء وكسر اللام ، وذكر بعضهم فيه ضم الهاء وفتحها وكسرها ، واسمه يزيد بن عدي بن قنافة ، ويقال : يزيد بن علي بن قنافة ، وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أقرع فمسح رأسه فنبت شعره ، فسمي هلبا .

( فإن قلت ) : روى مسلم عن أنس من طريق إسماعيل بن عبد الرحمن السدي قال : سألت أنسا كيف أنصرف إذا صليت ; أعن يميني أو عن يساري ؟ قال : أما أنا فأكثر ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصرف عن يمينه . فهذا ظاهره يخالف أثر أنس المذكور . ( قلت ) : لا نسلم ذلك ، لأنه لا يدل على منع الانصراف عن الشمال أيضا ، غاية ما في الباب أنه يدل على أن أكثر انصرافه صلى الله عليه وسلم كان عن يمينه ، وعيب أنس رضي الله تعالى عنه كان على من يتوخى ذلك ، أي : يقصد ويتحرى ذلك ، فكأنه يرى تحتمه ووجوبه ، وأما إذا لم يتوخ ذلك فيستوي فيه الأمران ، ولكن جهة اليمين تكون أولى . قوله : " يتوخى " ، بتشديد الخاء المعجمة . قوله : " أو يعمد " شك من الراوي .

التالي السابق


الخدمات العلمية