صفحة جزء
815 ( باب ما جاء في الثوم النيء والبصل والكراث ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: من أكل الثوم أو البصل من الجوع أو غيره ، فلا يقربن مسجدنا


أي هذا باب في بيان ما جاء في أكل الثوم النيء وأكل البصل والكراث .

الثوم ، بضم الثاء المثلثة . وقوله : " النيء " ، بالجر صفته ، أي : غير النضيج ، هو بكسر النون بعدها ياء آخر الحروف ثم همزة وقد تدغم الياء . قوله : " والبصل " ، أي : وما جاء في البصل . قوله : " والكراث " ، أي : وما جاء في الكراث ، وهو بضم الكاف وتشديد الراء . قوله : " وقول النبي صلى الله عليه وسلم " ، بالجر عطفا على قوله : " ما جاء " ، أي : وما جاء في قول النبي صلى الله عليه وسلم : من أكل البصل ، إلى آخره ، وهذا أيضا من جملة الترجمة وليس لفظ الحديث هكذا ، بل هذا من تصرف البخاري وتجويزه نقل الحديث بالمعنى . ( فإن قلت ) : ليس في أحاديث الباب ذكر الكراث فلم ذكره في الترجمة ؟ ( قلت ) : قال بعضهم كأنه أشار به إلى ما وقع في بعض طرق حديث جابر ، وهذا أولى من قول بعضهم أنه قاسه على البصل ، انتهى . قلت : روى مسلم في صحيحه من حديث جابر قال : نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل البصل والكراث ، فغلبتنا الحاجة فأكلنا منه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : من أكل من هذه الشجرة المنتنة ، فلا يقربن مسجدنا . وفي مسند الحميدي بإسناد على شرط الصحيح : سئل جابر عن الثوم فقال : ما كان بأرضنا يومئذ ثوم ، إنما الذي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه البصل والكراث . وفي مسند السراج : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل الكراث ، فلم ينتهوا ، ثم لم يجدوا بدا من أكلها ، فوجد ريحها فقال : ألم أنهكم .. الحديث . فالكراث إن لم يذكر صريحا في أحاديث الباب فيمكن أن نقول إنه مذكور دلالة ، فإن حديث جابر الذي يأتي فيه : وأن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بقدر فيه خضرات من بقول فوجد لها ريحا .. الحديث ، يدل أن من جملة الخضرات التي لها ريح هو الكراث ، وهو أيضا من البقول ، فحينئذ تقع المطابقة بينه وبين قوله في الترجمة : " والكراث " ، ووجود التطابق بين التراجم والأحاديث لا يلزم أن يكون صريحا دائما ، يظهر ذلك بالتأمل ، وهذا التوجيه أقرب من قول هذا القائل ، كأنه أشار به إلى ما وقع في بعض طرق حديث جابر رضي الله تعالى عنه ، وقوله هذا أولى من قول بعضهم أنه قاسه على البصل ، أراد به صاحب التوضيح ، فإنه قاله هكذا ، وهذا أبعد من الذي قاله .

( فإن قلت ) : قوله " من الجوع " ، لم يذكر صريحا في أحاديث الباب . ( قلت ) : لم يقع هذا إلا في كلام الصحابي ، وهو في حديث جابر الذي ذكرناه الآن ، وفيه : فغلبتنا الحاجة ، ومن جملة الحاجة الجوع ، وأصرح منه ما وقع في حديث أبي سعيد : لم نعد أن فتحت خيبر فوقعنا في هذه البقلة والناس [ ص: 145 ] جياع .. الحديث ، رواه البيهقي وزعم أنه عند مسلم .

قوله : “ أو غيره " ، أي : أو غير الجوع ، مثل : الأكل بالتشهي والتأدم بالخبز .

التالي السابق


الخدمات العلمية