صفحة جزء
819 ( باب وضوء الصبيان ومتى يجب عليهم الغسل والطهور وحضورهم الجماعة والعيدين والجنائز وصفوفهم )


أي هذا باب في بيان وضوء الصبيان ، ولم يبين ما حكمه هل هو واجب أو ندب ، لأنه لو قال واجب لاقتضى أن يعاقب الصبي على تركه ، وليس كذلك ، ولو قال ندب لاقتضى صحة صلاته بغير وضوء ، وليس كذلك ، فأبهم ليسلم من ذلك . والصبيان جمع صبي ، قال الجوهري : الصبي الغلام ، والجمع صبية وصبيان ، وهو من الواوي ، ولم يقولوا أصبية استغناء بصبية ، كما لم يقولوا أغلمة استغناء بغلمة ، وقال في الغلام : الغلام معروف ، انتهى .

قلت : ما دام الولد في بطن أمه فهو جنين ، فإذا ولدته سمي صبيا ما دام رضيعا ، فإذا فطم سمي غلاما إلى سبع سنين ، ثم يصير يافعا إلى عشر حجج ، ثم يصير حزورا إلى خمس عشرة سنة ، ثم يصير فمدا إلى خمس وعشرين سنة ، ثم يصير عنطنا إلى ثلاثين سنة ، ثم يصير صملا إلى خمسين سنة ، ثم يصير شيخا إلى ثمانين سنة ، ثم يصير هما بعد ذلك فانيا كبيرا ، هكذا ذكر في كتاب خلق الإنسان عن الأصمعي وغيره .

( فإن قلت ) : روى أبو داود والترمذي وصححه ابن خزيمة والحاكم من طريق عبد الملك بن الربيع بن صبرة عن أبيه عن جده مرفوعا " علموا الصبي الصلاة ابن سبع سنين ، واضربوه عليها ابن عشر " ، فهذا يدل على أن الصبي يطلق على من سنه سبع سنين ، فكيف قيل المولود سمي صبيا ما دام رضيعا ؟ ( قلت ) : أفصح الفصحاء أطلق على ابن سبع سنين لفظ الصبي ، وهو الذي يقبل ، وعن هذا قال الجوهري : الصبي الغلام ، وقد ذكرنا الآن أن المولود من حين يفطم يسمى غلاما إلى سبع سنين .

قوله : “ ومتى يجب عليهم الغسل " ، وبين ذلك في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه الآتي عن قريب ، فإنه قال : " الغسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم " ، فيفهم منه أن الاحتلام هو شرط لوجوب الغسل . ( فإن قلت ) : الحديث الذي ذكرته عن أبي داود وغيره يقتضي تعيين وقت الوضوء لتوقف الصلاة عليها وإن لم يحتلم . ( قلت ) : لم يقل الجمهور بظاهره ، فإنهم قالوا : لا تجب عليه إلا بالبلوغ ، وقالوا : إن التعليم بالصلاة والضرب عليها عند عشر سنين للتدريب . وقال بظاهره قوم حتى قالوا : تجب الصلاة على الصبي للأمر بضربه على تركها ، وهذه صفة الوجوب ، وبه قال أحمد في رواية والشافعي مال إليه ، وقال البيهقي : الحديث المذكور منسوخ بحديث " رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم " . قوله : " والطهور " من عطف العام على الخاص . قوله : " وحضورهم " بالجر عطفا على قوله : " وضوء الصبيان " . قوله : " الجماعة " منصوب بالمصدر المضاف إلى فاعله ، والعيدين عطف عليه ، والجنائز بالنصب ، كذلك عطف على ما قبله قوله " وصفوفهم " بالجر أيضا عطف على ما قبله ، أي : وصفوف الصبيان والترجمة المذكورة مركبة من ستة أجزاء .

التالي السابق


الخدمات العلمية