صفحة جزء
68 باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولهم بالموعظة والعلم كي لا ينفروا
الكلام فيه على أنواع ; الأول : أن التقدير هذا باب في بيان ما كان النبي عليه السلام يتخول الصحابة رضي الله عنهم بالموعظة ، وارتفاعه على أنه خبر مبتدأ محذوف ، وهو مضاف إلى ما بعده من الجملة ، وكلمة " ما " مصدرية ، تقديره : باب كون النبي عليه السلام يتخولهم .

الثاني : وجه المناسبة بين البابين من حيث إن المذكور في الباب الأول هو العلم والمذكور في هذا الباب هو التخول بالعلم .

الثالث : قوله " يتخولهم " بالخاء المعجمة وفي آخره اللام ، معناه يتعهدهم ، وهو من التخول وهو التعهد ; [ ص: 44 ] يعني كان يتعهدهم ويراعي الأوقات في وعظهم ويتحرى منها ما كان مظنة القبول ، ولا يفعله كل يوم لئلا يسأم ، والخائل القائم المتعهد للحال - ذكره الخطابي ، والآن يأتي مزيد الكلام فيه إن شاء الله تعالى .

قوله " بالموعظة " قال الصغاني : الوعظ والعظة والموعظة مصادر قولك وعظته أعظه ، والوعظ هو النصح والتذكير بالعواقب ، وعطف العلم على الموعظة من باب عطف العام على الخاص عكس وملائكته وجبريل ، وذكره الموعظة لكونها مذكورة في الحديث ، وأما العلم فإنما ذكره استنباطا .

قوله " كي لا ينفروا " ; أي لئلا يملوا عنه ويتباعدوا منه ، يقال نفر ينفر من باب ضرب يضرب ، ونفر ينفر من باب نصر ينصر ، نفورا بالضم ونفارا بالفتح ، والنفور أيضا جمع نافر كشاهد وشهود ، ويقال في الدابة نفار - بكسر النون ، وهو اسم مثل الحران ، والتركيب يدل على تجاف وتباعد .

التالي السابق


الخدمات العلمية