صفحة جزء
820 239 - حدثنا علي بن عبد الله ، قال : حدثنا سفيان ، قال : حدثني صفوان بن سليم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الغسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم .


مطابقته الجزء الثاني من الترجمة ، وهو قوله : " ومتى يجب عليهم الغسل " .

ذكر رجاله ، وهم خمسة ; الأول : علي [ ص: 153 ] ابن عبد الله بن جعفر ، أبو الحسن ، الذي يقال له ابن المديني البصري . الثاني : سفيان بن عيينة . الثالث : صفوان بن سليم ، بضم السين المهملة وفتح اللام ، الإمام القدوة ممن يستسقى به ، يقولون : إن جبهته ثقبت من كثرة السجود ، وكان لا يقبل جوائز السلطان ، مات سنة اثنتين وثلاثين ومائة . الرابع : عطاء بن يسار أبو محمد الهلالي ، مولى ميمونة بنت الحارث زوج النبي عليه الصلاة والسلام ، مات سنة ثلاث ومائة . الخامس : أبو سعيد سعد بن مالك الخدري رضي الله تعالى عنه .

( ذكر لطائف إسناده )

فيه التحديث بصيغة الجمع في موضعين ، وبصيغة الإفراد من الماضي في موضع واحد . وفيه العنعنة في ثلاثة مواضع . وفيه القول في موضعين . وفيه أن شيخ البخاري من أفراده ، وأنه بصري ، وسفيان مكي ، وصفوان وعطاء مدنيان .

ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره

أخرجه البخاري أيضا في الصلاة عن عبد الله بن يوسف والقعنبي كلاهما عن مالك ، وفي الشهادات أيضا عن علي بن عبد الله . وأخرجه مسلم فيه عن يحيى بن يحيى عن مالك به . وأخرجه أبو داود في الطهارة عن القعنبي . وأخرجه النسائي في الصلاة عن قتيبة عن مالك به . وأخرجه ابن ماجه فيه عن سهل بن زنجلة عن سفيان به .

ذكر معناه

قوله : “ واجب " أي : متأكد في حقه ، كما يقول الرجل لصاحبه : حقك واجب علي ، أي : متأكد ، لا أن المراد الواجب المحتم المعاقب عليه ، وشهد لصحة هذا التأويل أحاديث صحيحة غيره ، كحديث سمرة " من توضأ فبها ونعمت ، ومن اغتسل فهو أفضل " ، وسيأتي الكلام فيه مبينا . قوله : " على كل محتلم " أي : بالغ مدرك .

( ذكر ما يستفاد منه )

احتج بظاهر هذا الحديث أهل الظاهر وقالوا بوجوب غسل الجمعة ، ويحكى ذلك عن الحسن البصري وعطاء ابن أبي رباح والمسيب بن رافع ، وقال صاحب الهداية : وقال مالك : هو واجب . قلت : نقل هذا عن مالك غير صحيح ، فإن ابن عبد البر قال في الاستذكار - وهو أعلم بمذهب مالك : لا أعلم أحدا أوجب غسل الجمعة إلا أهل الظاهر ، فإنهم أوجبوه ، ثم قال : روى ابن وهب عن مالك أنه سئل عن غسل يوم الجمعة أواجب هو ؟ قال : هو سنة ومعروف . قيل : إن في الحديث إنه واجب . قال : ليس كل ما جاء في الحديث يكون كذلك . وروى أشهب عن مالك أنه سئل عن غسل يوم الجمعة أواجب هو ؟ قال : حسن وليس بواجب . وهذه الرواية عن مالك تدل على أنه مستحب ، وذلك عندهم دون السنة ، وأجاب بعض أصحابنا عن هذا الحديث وعن أمثاله التي ظاهرها الوجوب أنها منسوخة بحديث " من توضأ فبها ونعمت ومن اغتسل فهو أفضل " . ( فإن قلت ) : قال ابن الجوزي : أحاديث الوجوب أصح وأقوى والضعيف لا ينسخ القوي ؟ ( قلت ) : هذا الحديث رواه أبو داود في الطهارة والترمذي والنسائي في الصلاة ، وقال الترمذي : حديث حسن صحيح ، ورواه أحمد في سننه والبيهقي كذلك ، وابن أبي شيبة في مصنفه ، ورواه سبعة من الصحابة ; وهم : سمرة بن جندب عند أبي داود والترمذي والنسائي ، وأنس عند ابن ماجه ، وأبو سعيد الخدري عند البيهقي ، وأبو هريرة عند البزار في مسنده ، وجابر عند عبد بن حميد في مسنده ، وعبد الرزاق في مصنفه ، وإسحاق بن راهويه في مسنده ، وابن عدي في الكامل ، وعبد الرحمن بن سمرة عند الطبراني في الأوسط ، وابن عباس عند البيهقي في سننه . ( فإن قلت ) : أفضلية الغسل على الوضوء تدل على الوجوب ، وإلا لثبتت المساواة . ( قلت ) : السنة بعضها أفضل من بعض ، فجاز أن يكون الغسل من تلك السنن . ( فإن قلت ) : ما ذكرنا مقتض وما ذكرتم ناف ، فالأول راجح . ( قلت ) : قوله : " فبها ونعمت " نص على السنة ، وما ذكرتم يحتمل أن يكون أمر إباحة ، فالعمل بما ذكرنا أولى .

التالي السابق


الخدمات العلمية