صفحة جزء
861 ( وكذلك يروى عن عمر ، وعلي ، والنعمان بن بشير ، وعمرو بن حريث رضي الله عنهم ) .


أي كما ذكرنا : إن وقت الجمعة إذا زالت الشمس كذلك روي عن هؤلاء الصحابة رضي الله تعالى عنهم ، وهذه أربع تعاليق .

الأول : عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه فرواه ابن أبي شيبة من طريق سويد بن غفلة أنه صلى مع أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما حين تزول الشمس ، وفي حديث السقيفة عن ابن عباس قال : فلما كان يوم الجمعة ، وزالت الشمس خرج عمر فجلس على المنبر .

الثاني : عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه فرواه ابن أبي شيبة عن وكيع عن أبي العنبس عمرو بن مروان ، عن أبيه ، قال : كنا نجمع مع علي إذا زالت الشمس .

وقال ابن حزم : روينا عن أبي إسحاق قال : شهدت علي بن أبي طالب يصلي الجمعة إذا زالت الشمس .

الثالث : عن النعمان بن بشير فرواه ابن أبي شيبة بسند صحيح عن عبيد الله بن موسى عن سماك قال : كان النعمان يصلي بنا الجمعة بعد ما تزول الشمس ، انتهى .

وكان النعمان أميرا على الكوفة في أول خلافة يزيد بن معاوية .

الرابع : عن عمرو بن حريث فرواه ابن أبي شيبة أيضا من طريق الوليد بن العيزار قال : ما رأيت إماما كان أحسن صلاة للجمعة من عمرو بن حريث ، فكان يصليها إذا زالت الشمس . إسناده صحيح ، وكان عمرو ينوب عن زياد ، وعن ولده في الكوفة أيضا ، فإن قلت : لم اقتصر البخاري على هؤلاء الصحابة دون غيرهم ؟ قلت : قيل : لأنه نقل عنهم خلاف ذلك ، وفي التوضيح : لأنه روى عن أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي رضي الله تعالى عنهم أنهم كانوا يصلون الجمعة قبل الزوال من طريق لا يثبت ، قاله ابن بطال ، وروى ابن أبي شيبة من طريق أبي رزين قال : كنا نصلي مع علي الجمعة فأحيانا نجد فيئا ، وأحيانا لا نجد ، وروي أيضا عن طريق عبد الله بن سلمة بكسر اللام ، وقال : صلى بنا عبد الله يعني ابن مسعود الجمعة ضحى ، وقال : خشيت عليكم الحر ، وروي أيضا من طريق سعيد بن سويد قال : صلى بنا معاوية الجمعة ضحى ، وروي أيضا عن غندر ، عن شعبة ، عن سلمة بن كهيل ، عن مصعب بن سعد قال : كان سعد يقيل بعد الجمعة . قلت : الجواب عما روي عن علي رضي الله تعالى عنه أنه محمول على المبادرة عند الزوال أو التأخير قليلا .

وأما الذي روي عن ابن مسعود ففيه عبد الله ، وهو صدوق ، ولكنه تغير لما كبر قاله شعبة وغيره .

وأما الذي روي عن معاوية ففي سنده سعيد ، ذكره ابن عدي في الضعفاء ، وقال البخاري : لا يتابع على حديثه .

وأما الذي روي عن سعد فلا يدل على فعلها قبل الزوال ; بل إنه كان يؤخر النوم للقائلة إلى بعد الزوال لاشتغاله بالتهيئة إلى الجمعة من الغسل والتنظيف أو لتبكيره إليها .

التالي السابق


الخدمات العلمية