صفحة جزء
880 ( واستقبل ابن عمر وأنس رضي الله عنهم الإمام ) .


مطابقته للترجمة ظاهرة : أما أثر عبد الله بن عمر فأخرجه البيهقي من طريق الوليد بن مسلم قال : ذكرت الليث بن سعد فأخبرني عن ابن عجلان عن نافع أن ابن عمر كان يفرغ من سبحته يوم الجمعة قبل خروج الإمام ، فإذا خرج لم يقعد الإمام حتى يستقبله .

وأما أثر أنس بن مالك فأخرجه ابن أبي شيبة : حدثنا عبد الصمد عن المستمر بن ريان قال : رأيت أنسا إذا أخذ الإمام يوم الجمعة في الخطبة يستقبله بوجهه حتى يفرغ الإمام من خطبته ، ورواه ابن المنذر من وجه آخر عن أنس أنه جاء يوم الجمعة فاستند إلى الحائط ، واستقبل الإمام ، قال ابن المنذر : ولا أعلم في ذلك خلافا بين العلماء ، وحكى غيره عن سعيد بن المسيب أنه كان لا يستقبل هشام بن إسماعيل إذا خطب ، فوكل به هشام شرطيا يعطفه إليه ، وهشام هذا هو هشام بن إسماعيل بن الوليد بن [ ص: 220 ] المغيرة المخزومي كان واليا بالمدينة ، وهو الذي ضرب سعيد بن المسيب أفضل التابعين بالسياط ، فويل له من ذلك ، وفي ( المغني ) : روي عن الحسن أنه استقبل القبلة ، ولم ينحرف إلى الإمام ، وروى الترمذي عن عبد الله بن مسعود قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا استوى على المنبر استقبلناه بوجوهنا ، وفي إسناده محمد بن الفضل .

وقال الترمذي : هو ضعيف ذاهب الحديث عند أصحابنا ، والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم يستحبون استقبال الإمام إذا خطب ، وهو قول سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق ، ولا يصح في هذا الباب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شيء ، وروى ابن ماجه عن عدي بن ثابت عن أبيه كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا قام على المنبر استقبله الناس ، وفي ( سنن الأثر ) عن مطيع أبي يحيى المزني عن أبيه عن جده قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام على المنبر أقبلنا بوجوهنا إليه .

وقال ابن أبي شيبة : أخبرنا هشيم ، أخبرنا عبد الحميد بن جعفر الأنصاري بإسناد لا أحفظه قال : كانوا يجيئون يوم الجمعة يجلسون حول المنبر ، ثم يقبلون على النبي - صلى الله عليه وسلم - بوجوههم ، وفي ( المبسوط ) : كان أبو حنيفة إذا فرغ المؤذن من أذانه أدار وجهه إلى الإمام ، وهو قول شريح وطاوس ، ومجاهد ، وسالم ، والقاسم ، وزادان ، وعمر بن عبد العزيز ، وعطاء ، وبه قال مالك ، والأوزاعي والثوري ، وسعيد بن عبد العزيز ، وابن جابر ، ويزيد بن أبي مريم والشافعي وأحمد وإسحاق ، قال ابن المنذر : وهذا كالإجماع .

التالي السابق


الخدمات العلمية