صفحة جزء
892 باب الإنصات يوم الجمعة والإمام يخطب ، وإذا قال لصاحبه أنصت فقد لغا


أي هذا باب في بيان حكم الإنصات يوم الجمعة في حالة خطبة الإمام ، قوله : “ والإمام يخطب " جملة حالية ذكرها للإشعار بأن الإنصات قبل شروع الإمام فيها لا يجب خلافا لقوم في ذلك ، ولكن الأولى الإنصات من وقت خروج الإمام ، قوله : “ وإذا قال لصاحبه أنصت فقد لغا " من جملة الترجمة ، وهو لفظ حديث الباب في بعض طرقه ، وهي رواية النسائي عن قتيبة ، عن الليث ، عن عقيل ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا قال الرجل لصاحبه يوم الجمعة والإمام يخطب أنصت فقد لغا " ، وبهذا السند روى الترمذي عن قتيبة عن الليث إلى آخره ، ولفظه " من قال يوم الجمعة والإمام يخطب أنصت فقد لغا " ، قوله : “ لصاحبه " المراد به جليسه ، وقيل : الذي يخاطبه بذلك مطلقا ، وإنما أطلق عليه الصاحب باعتبار أنه صاحبه في الخطاب أو الجلوس .

قوله : “ أنصت " أمر من أنصت ينصت إنصاتا ، وقال أبو المعاني في ( المنتهى ) : نصت ينصت إذا سكت ، وأنصت لغتان ، أي : استمع ، يقال : أنصته ، وأنصت له ، وينشد .


إذا قالت حذام فأنصتوها

ويروى : فصدقوها ، وفي ( المحكم ) : أنصت : أعلى ، والنصتة الاسم من الإنصات ، وفي ( الجامع ) والرجل ناصت ، ومنصت ، وفي ( المجمل ) ، و( المغرب ) الإنصات السكوت للاستماع ، وأنشد الراغب في المجالسات .


السمع للإنصات والإنصات للأذن

وقد مر عن قريب باب الاستماع إلى الخطبة ، وقد ذكرنا هناك أن الاستماع هو الإصغاء ، ويعلم الفرق بين الاستماع والإنصات مما ذكرنا الآن ، فلذلك ذكر البخاري ترجمة للاستماع وترجمة للإنصات ، قوله : “ فقد لغا " اللغو واللغاء : السقط وما لا يعتد به من كلام وغيره ، ولا يحصل منه على فائدة ولا نفع ، واللغو في الأيمان لا والله ، وبلى والله ، وقيل : معناه الإثم ، ولغا في القول يلغو ، ويلغى لغوا ، ولغا لغا وملغاة : أخطأ ، ولغا يلغو لغوا : تكلم ، ذكره ابن سيده ، وفي ( الجامع ) : اللغو الباطل تقول لغيت ألغى لغيا ولغى بمعنى ، ولغا الطائر يلغو لغوا إذا صوت ، وفي ( التهذيب ) لغوت اللغو وألغى ولغى ثلاث لغات ، واللغو كل ما لا يجوز .

وقال الأخفش : اللغو الساقط من القول ، وقيل : الميل عن الصواب .

وقال النضر بن شميل : معنى لغوت : خبت من الأجر ، وقيل : بطلت فضيلة جمعتك ، وقيل : صارت جمعتك ظهرا ، وقيل : تكلمت بما لا ينبغي .

التالي السابق


الخدمات العلمية