صفحة جزء
896 باب قول الله تعالى : فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله


أي هذا باب في بيان المراد من ذكر قول الله عز وجل فإذا قضيت وأراد بذكر هذه الآية الكريمة هنا الإشارة إلى أن الأمر في قوله فانتشروا والأمر في قوله وابتغوا للإباحة لا للوجوب ; لأنهم منعوا عن الانتشار في الأرض للتكسب وقت النداء يوم الجمعة لأجل إقامة صلاة الجمعة ، فلما صلوا وفرغوا أمروا بالانتشار في الأرض والابتغاء من فضل الله ، وهو رزقه ، وإنما قلنا هذا الأمر للإباحة ; لأنه لمنفعة لنا ، فلو كان للوجوب لعاد علينا ، وذلك ، كما في قوله تعالى : وإذا حللتم فاصطادوا فإنه حرم عليهم الصيد وهم محرمون ، فلما خرجوا عن الإحرام أحل لهم الصيد ، كما كان أولا .

وقال ابن التين : جماعة أهل العلم على أن هذا إباحة بعد الحظر ، وقيل : هو أمر على بابه ، وعن الداودي هو إباحة لمن كان له كفاف ولا يطيق التكسب ، وفرض على من لا شيء له ، ويطيق التكسب .

وقال غيره : من تعطف عليه بسؤال أو غيره ليس طلب التكسب عليه بفريضة ، وفي ( تفسير النسفي ) فإذا قضيت الصلاة فرغ منها فانتشروا في الأرض للتجارة ، والتصرف في حوائجكم وابتغوا من فضل الله أي : الرزق ، ثم أطلق لهم ما حظر عليهم بعد قضاء الصلاة من الانتشار ، وابتغاء الربح مع التوصية بإكثار الذكر ، وأن لا يلهيهم شيء من التجارة ، ولا غيرها عنه ، وهما أمر إباحة وتخيير ، كما في قوله وإذا حللتم فاصطادوا وعن أنس رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - : في قول الله : فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله ليس لطلب دنياكم ، ولكن عيادة مريض ، وحضور جنازة ، وزيارة أخ في الله ، وقيل : صلاة تطوع .

وقال الحسن وسعيد بن جبير ومكحول : وابتغوا من فضل الله هو طلب العلم .

وقال جعفر الصادق رضي الله تعالى عنه : وابتغوا من فضل الله يوم السبت .

التالي السابق


الخدمات العلمية