صفحة جزء
76 باب متى يصح سماع الصغير
وفي رواية الكشميهني : الصبي الصغير ، أي هذا باب ، وهو منون ، وكلمة متى للاستفهام إذا قلت متى القتال ، كان المعنى اليوم أم غدا أم بعد غد ، وبني لتضمنه معنى حرف الاستفهام كما في المثال المذكور ، قال الكرماني : معنى الصحة جواز قبول مسموعه ، وقال بعضهم : هذا تفسير لثمرة الصحة لا لنفس الصحة ، قلت : كأنه فهم أن الجواز هو ثمرة الصحة وليس كذلك بل الجواز هو الصحة ، وثمرة الصحة عدم ترتب الشيء عليه عند العمل ، فإن قلت : ما وجه المناسبة بين البابين ، قلت : من حيث إن ما ذكر في الباب الأول من دعائه عليه الصلاة والسلام لابن عباس ، إنما كان وابن عباس إذ ذاك غلام مميز ، والمذكور [ ص: 68 ] في هذا الباب حال الغلام المميز في السماع على أن القضية ها هنا لابن عباس أيضا كما كانت في الباب الأول ، ومراده الاستدلال على أن البلوغ ليس شرطا في التحمل ، واختلفوا في السن الذي يصح فيه السماع للصغير ، فقال موسى بن هارون الحافظ : إذا فرق بين البقرة والدابة ، وقال أحمد بن حنبل : إذا عقل وضبط ، وقال يحيى بن معين : أقل سن التحمل خمسة عشر سنة لكون ابن عمر رضي الله تعالى عنهما رد يوم أحد إذ لم يبلغها ، ولما بلغ أحمد أنكر ذلك وقال : بئس القول ، وقال عياض : حدد أهل الصفة ذلك أن أقله سن محمود بن الربيع ابن خمس ، كذا ذكره البخاري ، وفي رواية أخرى أنه كان ابن أربع ، وقال ابن الصلاح : والتحديد بخمس هو الذي استقر عليه عمل أهل الحديث من المتأخرين فيكتبون لابن خمس سنين فصاعدا ، سمع ولدون حضر أو أحضر ، والذي ينبغي في ذلك اعتبار التمييز فإن فهم الخطاب ورد الجواب كان مميزا ، وصحيح السماع وإن كان دون خمس وإن لم يكن كذلك لم يصح سماعه ولو كان ابن خمس بل ابن خمسين ، وعن إبراهيم بن سعيد الجوهري قال : رأيت صبيا ابن أربع سنين قد حمل إلى المأمون قد قرأ القرآن ونظر في الآي غير أنه إذا جاع بكى ، وحفظ القرآن أبو محمد عبد الله بن محمد الأصبهاني وله خمس سنين فامتحنه فيه أبو بكر بن المقري ، وكتب له بالسماع وهو ابن أربع سنين ، وحديث محمود لا يدل على التحديد بمثل سنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية