صفحة جزء
1000 ( باب هل يقول: كسفت الشمس، أو خسفت )
أي هذا باب يقال فيه: هل يقول القائل كسفت الشمس، أو يقول خسفت الشمس ؟ قيل: أتى البخاري بلفظ الاستفهام إشعارا منه بأنه لم يترجح عنده في ذلك شيء .

وقال بعضهم: ولعله أشار إلى ما رواه ابن عيينة ، عن الزهري ، عن عروة : لا تقولوا كسفت الشمس، ولكن قولوا خسفت . وهذا موقوف صحيح رواه سعيد بن منصور عنه .

قلت: ترتيب البخاري يدل على أن الخسوف يقال في الشمس والقمر جميعا ; لأنه ذكر الآية، وفيها نسبة الخسوف إلى القمر، ثم ذكر الحديث . وفيه نسبة الخسوف إلى الشمس، وكذلك يقال بالكسوف فيهما جميعا ; لأن في حديث الباب، فقال في كسوف الشمس والقمر: إنهما آيتان، وبهذا يرد على عروة فيما روى الزهري عنه، وبما روي في أحاديث كثيرة: كسفت الشمس، منها حديث المغيرة بن شعبة الذي مضى في أول الأبواب قال: كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم .. الحديث . وفيه أيضا أن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد .. الحديث، واستعمال الكسوف للشمس والخسوف للقمر اصطلاح الفقهاء، واختاره ثعلب أيضا قال في الفصيح: إن كسفت الشمس وخسف القمر أجود الكلامين، وذكر الجوهري أنه أفصح، وحكى عياض عن بعضهم عكسه، وغلطه لثبوته بالخاء في القرآن، وفي الحقيقة في معناهما فرق، فقيل: الكسوف أن يكسف ببعضهما، والخسوف أن يخسف بكلهما، قال الله تعالى: فخسفنا به وبداره الأرض وقال شمر : الكسوف في الوجه الصفرة والتغير، وقال ابن حبيب في " شرح الموطإ ": الكسوف تغير اللون، والخسوف انخسافهما، وكذلك تقول في عين الأعور إذا انخسفت وغارت في جفن العين، وذهب نورها وضياؤها .

التالي السابق


الخدمات العلمية