صفحة جزء
1001 87 - حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا حماد بن زيد، عن يونس، عن الحسن، عن أبي بكرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكن الله تعالى يخوف بها عباده".
قد مضى الكلام في حديث أبي بكرة في أول أبواب الكسوف، ومطابقته للترجمة ظاهرة .

قوله " ولكن الله يخوف بهما " وفي رواية الكشميهني : ولكن الله يخوف .

قوله " يخوف " فيه رد على أهل الهيئة حيث يزعمون أن الكسوف أمر عادي لا يتأخر ولا يتقدم، فلو كان كذلك لم يكن فيه تخويف فيصير بمنزلة الجزر والمد في البحر، وقد جاء في حديث أبي موسى على ما يأتي: فقام فزعا يخشى أن تكون الساعة، فلو كان الكسوف بالحساب لم يقع الفزع، ولم يكن للأمر بالعتق، والصدقة، والصلاة، والذكر - معنى، وقد رددنا عليهم فيما مضى، ويرد عليهم أيضا بما جاء في رواية أحمد ، والنسائي ، وغيرهما: إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكنهما آيتان من آيات الله ، وإن الله إذا تجلى لشيء من خلقه خضع له .

وقال الغزالي : هذه الزيادة لم تثبت فيجب تكذيب ناقلها، ولو صحت لكان أهون من مكابرة أمور قطعية لا تصادم الشريعة، ورد عليه بأنه كيف يسلم دعوى الفلاسفة، ويزعم أنها لا تصادم الشريعة مع أنها مبنية على أن العالم [ ص: 77 ] كري الشكل، وظاهر الشرع خلاف ذلك، والثابت من قواعد الشرع أن الكسوف أثر الإرادة القديمة، وفعل الفاعل المختار فيخلق في هذين الجرمين النور متى شاء، والظلمة متى شاء من غير توقيف على سبب، أو ربط باقتراب، وكيف يرد الحديث المذكور، وقد أثبته جماعة من العلماء، وصححه ابن خزيمة ، والحاكم ، ولئن سلمنا أن ما ذكره أهل الحساب صحيح في نفس الأمر، فإنه لا ينافي كون ذلك مخوفا لعباد الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية