صفحة جزء
1022 107 - حدثنا سليمان بن داود أبو الربيع قال : حدثنا إسماعيل بن جعفر قال : أخبرنا يزيد بن خصيفة، عن ابن قسيط، عن عطاء بن يسار : أنه أخبره : أنه سأل زيد بن ثابت رضي الله عنه، فزعم : أنه قرأ على النبي صلى الله عليه وسلم : والنجم. فلم يسجد فيها.


مطابقته للترجمة ظاهرة.

ذكر رجاله، وهم ستة :

الأول : أبو الربيع سليمان بن داود الزهراني البصري ، وقد تقدم في باب علامات المنافق.

الثاني : إسماعيل بن جعفر أبو إبراهيم الأنصاري المدني .

الثالث : يزيد، من الزيادة، ابن عبد الله بن خصيفة بضم الخاء المعجمة، وفتح الصاد المهملة، وسكون الياء آخر الحروف، وفتح الفاء، مر في باب رفع الصوت في المساجد.

الرابع : ابن قسيط بضم القاف، وفتح السين المهملة، وسكون الياء آخر الحروف، وبالطاء المهملة، وهو يزيد بن عبد الله بن قسيط ، مات سنة اثنتين وعشرين ومائة.

الخامس : عطاء بن يسار ، وقد تقدم غير مرة.

السادس : زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه.

ذكر لطائف إسناده :

فيه التحديث بصيغة الجمع في موضعين، وبصيغة الإخبار كذلك في موضع واحد، وبصيغة الإفراد في موضع واحد. وفيه العنعنة في موضعين. وفيه السؤال. وفيه أن رواته كلهم مدنيون ما خلا شيخ البخاري . وفيه أن شيخه ذكره مكنى. وفيه من ذكر بأنه ابن فلان. وفيه من نسب إلى جده، وهو يزيد بن خصيفة .

ذكر تعدد موضعه، ومن أخرجه غيره :

أخرجه البخاري أيضا في سجود القرآن عن آدم ، عن ابن أبي ذئب .

وأخرجه مسلم في الصلاة، عن يحيى بن يحيى ، ويحيى بن أيوب ، وقتيبة ، وعلي بن حجر ، أربعتهم عن إسماعيل بن جعفر به.

وأخرجه أبو داود فيه، عن هناد ، عن وكيع ، عن ابن أبي ذئب به.

وأخرجه الترمذي فيه، عن يحيى بن موسى ، عن وكيع به، وقال : حسن صحيح.

وأخرجه النسائي فيه، عن علي بن حجر به.

ذكر معناه :

قوله " سأل زيد بن ثابت " فيه المسئول عنه محذوف، والظاهر أنه هو السجود في النجم ، وأجاب بقوله : أنه قرأ على النبي صلى الله عليه وسلم النجم، فلم يسجد فيها .

وقال بعضهم : وظاهر السياق يوهم أن المسئول عنه السجود في النجم، وليس كذلك، وقد بينه مسلم عن علي بن حجر ، عن إسماعيل بن جعفر بهذا الإسناد، وقال : سألت زيد بن ثابت عن القراءة مع الإمام، فقال : لا قراءة مع الإمام في شيء، وزعم أنه قرأ النجم. . الحديث، فحذف المصنف الموقوف ; لأنه ليس من غرضه في هذا المكان، ولأنه يخالف زيد بن ثابت في ترك القراءة خلف الإمام.

قلت : هذا مردود من وجوه :

الأول : قوله " يوهم " ليس كذلك، بل تحقق أن المسئول عنه السجود في النجم، وذلك لأن حسن تركيب الكلام أن يكون بعضه ملتئما بالبعض، ورواية البخاري هكذا تقتضي ذلك.

الثاني : قوله " فحذف المصنف الموقوف ; لأنه ليس من غرضه في هذا المكان " كلام واه ; لأنه يقتضي أن يكون البخاري يتصرف في متن الحديث بالزيادة والنقصان لأجل غرضه، وهو بريء من ذلك، وإنما البخاري روى هذا الحديث عن أبي الربيع سليمان ، ومسلم روى عن أربعة أنفس : يحيى بن يحيى ، ويحيى بن أيوب ، وقتيبة بن سعيد ، وعلي بن حجر ، وهم وسليمان اتفقوا على روايتهم عن إسماعيل بن جعفر ، فسليمان روى عنه بالسياق المذكور، والأربعة رووا عنه بالزيادة المذكورة، وما الداعي للبخاري أن يحذف تلك الزيادة لأجل غرضه ؟! فلا ينسب ذلك إلى البخاري ، وحاشاه من ذلك.

الثالث : قوله " ولأنه يخالف زيد بن ثابت " كلام مردود أيضا ; لأن مخالفته لزيد بن ثابت في ترك القراءة [ ص: 104 ] خلف الإمام لا يستدعي حذف ما قاله زيد ; لأن هذا الموضع ليس في بيان موضع قراءة المقتدي خلف الإمام، وإنما الكلام والترجمة في السجدة في سورة النجم، وليس من الأدب أن يقال : يخالف البخاري مثل زيد بن ثابت ، كذا في التصريح حتى لو سئل البخاري أنت تخالف زيد بن ثابت في قوله هذا لكان يقول زيد بن ثابت ذهب إلى شيء لما ظهر عنده، وأنا ذهبت إلى شيء لما ظهر عندي، وكان يراعي الأدب، ولا يصرح بالمخالفة.

وأما متن حديث مسلم ، فهكذا حدثنا يحيى بن يحيى ، ويحيى بن أيوب ، وقتيبة بن سعيد ، وابن حجر ، قال يحيى : أخبرنا، وقال الآخرون : حدثنا إسماعيل، وهو ابن جعفر ، عن يزيد بن خصيفة ، عن ابن قسيط ، عن عطاء بن يسار ، أنه أخبره أنه سأل زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه عن القراءة مع الإمام، فقال : لا قراءة مع الإمام في شيء، وزعم أنه قرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم " والنجم إذا هوى " فلم يسجد .

ففي رواية مسلم : أجاب زيد بن ثابت عما سأله عطاء بن يسار ، وأفاد بفائدة أخرى زائدة على ما سأله، ورواية البخاري إما وقعت مختصرة، أو كان سؤال عطاء ابتداء عن سجدة النجم، فأجاب عن ذلك مقتصرا عليه، وكلا الوجهين جائزان، فلا يتكلف في تصرف الكلام بالعسف.

قوله " فزعم " هو يطلق على القول المحقق، وعلى المشكوك فيه، والأول هو المراد هناك.

قوله " فلم يسجد فيها " أي لم يسجد النبي صلى الله عليه وسلم في سجدة النجم.

ذكر ما يستنبط منه، وهو على وجوه :

الأول : احتج به مالك في المشهور عنه، والشافعي في القديم، وأبو ثور على أنه لا يسجد للتلاوة في آخر النجم، وهو قول عطاء بن أبي رباح ، والحسن البصري ، وسعيد بن جبير ، وسعيد بن المسيب ، وعكرمة ، وطاوس ، ويحكى ذلك عن ابن عباس ، وأبي بن كعب ، وزيد بن ثابت ، وأجاب الطحاوي عن ذلك، فقال : ليس في الحديث دليل على أن لا سجود فيها ; لأنه قد يحتمل أن يكون ترك النبي صلى الله عليه وسلم السجود فيها حينئذ ; لأنه كان على غير وضوء، فلم يسجد لذلك، ويحتمل أن يكون تركه لأنه كان وقتا لا يحل فيه السجود، ويحتمل أن يكون تركه لأن الحكم عنده بالخيار، إن شاء سجد وإن شاء ترك، ويحتمل أن يكون تركه لأنه لا سجود فيها، فلما احتمل تركه السجود هذه الاحتمالات يحتاج إلى شيء آخر من الأحاديث نلتمس فيه حكم هذه السورة هل فيها سجود أم لا ؟ فوجدنا فيها حديث عبد الله بن مسعود الذي مضى فيما قبل فيه تحقيق السجود فيها، فالأخذ بهذا أولى، وكان تركه في حديث زيد لمعنى من المعاني التي ذكرنا، وأجيب أيضا بأنه صلى الله عليه وسلم لم يسجد على الفور، ولا يلزم منه أن لا يكون فيه سجدة، ولا فيه نفي الوجوب.

الثاني : استدل به بعضهم على أن المستمع لا يسجد إلا إذا سجد القارئ لآية السجدة ، وبه قال أحمد ، وإليه ذهب القفال . وقال الشيخ أبو حامد ، والبغداديون : يسجد المستمع، وإن لم يسجد القارئ، وبه قالت المالكية .

وعند أصحابنا : يجب على القارئ والسامع جميعا ، ولا يسقط عن أحدهما بترك الآخر.

الثالث : استدل به البيهقي وغيره على أن السامع لا يسجد ما لم يكن مستمعا، قال : وهو أصح الوجهين، واختاره إمام الحرمين ، وهو قول المالكية ، والحنابلة ، وقال الشافعي في " مختصر البويطي " : لا أؤكده عليه كما أؤكده على المستمع، وإن سجد فحسن. ومذهب أبي حنيفة وجوبه على السامع والمستمع والقارئ، وروى ابن أبي شيبة في " مصنفه " عن ابن عمر أنه قال : السجدة على من سمعها ، ومن تعليقات البخاري قال عثمان : إنما السجود على من استمع .

التالي السابق


الخدمات العلمية