صفحة جزء
1067 باب إذا صلى قاعدا، ثم صح أو وجد خفة تمم ما بقي
أي هذا باب يذكر فيه إذا صلى شخص قاعدا لأجل عجزه عن القيام، ثم صح في أثناء صلاته بأن حصلت له عافية أو وجد خفة في مرضه بحيث إنه قدر على القيام تمم صلاته ولا يستأنف في الوجهين، وهذه الترجمة بهذين الوجهين أعم من أن تكون في الفريضة أو النفل، لا كما قاله البعض أن قوله: ثم صح يتعلق بالفريضة، وقوله: أو وجد خفة يتعلق بالنافلة ; لأن هذه دعوى بلا برهان ; لأن الذي حمله على هذا لا يخلو إما أن يكون لبيان أن حكم الفرض في هذا خلاف حكم النفل، وإما لأجل المطابقة بين الترجمة وبين حديثي الباب، فإن كان الوجه الأول فليس فيه خلاف عند الجمهور منهم أبو حنيفة ومالك والشافعي وأبو يوسف أن المريض إذا صلى قاعدا ثم صح أو وجد قوة مقدار ما يقوم بها على القيام فإنه يتم صلاته قائما خلافا لمحمد بن الحسن فإنه قال: يستأنف صلاته.

( فإن قلت ): أليس هذا بناء القوي على الضعيف ( قلت ): لا ; لأن تحريمته لم تنعقد للقيام لعدم القدرة عليه وقت الشروع في الصلاة، وإن كان الوجه الثاني فلا يحتاج فيه إلى التفرقة لبيان وجه المطابقة بأن يقال: إن الشق الثاني من الترجمة يطابق حديث الباب لأنه في النفل، ويؤخذ ما يتعلق بالشق الأول بالقياس عليه، وهذا كله تعسف، وما أوقع الشراح في هذه التعسفات إلا قول ابن بطال : إن هذه الترجمة تتعلق بالفريضة، وحديث عائشة يتعلق بالنافلة، وتقييد ابن بطال المطلق بلا دليل تحكم، بل الترجمة على عمومها، وإن كان حديث الباب في النفل لأنا قد ذكرنا غير مرة أن أدنى شيء يلائم بين الترجمة والحديث كاف، بيان ذلك أن القيام في حق المتنفل غير متأكد وله أن يتركه من غير عذر، والدليل عليه ما روته عائشة رضي الله تعالى عنها " أنه - صلى الله تعالى عليه وسلم - كان يصلي ليلا طويلا قائما وليلة طويلة قاعدا " رواه مسلم والأربعة، وفي حق المريض العاجز عن القيام يكون كذلك ; لأن تحريمته لا تنعقد لذلك كما ذكرنا، فيكون المتنفل والمفترض العاجز سواء في ذلك، فتتناولهما الترجمة من هذه الحيثية.

التالي السابق


الخدمات العلمية