صفحة جزء
1079 160 - حدثنا علي بن عبد الله قال: حدثنا سفيان قال: حدثنا عمرو بن دينار أن عمرو بن أوس أخبره أن عبد الله بن عمرو بن العاصي رضي الله عنهما أخبره أن رسول الله [ ص: 181 ] - صلى الله عليه وسلم - قال له: أحب الصلاة إلى الله صلاة داود عليه السلام، وأحب الصيام إلى الله صيام داود، وكان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه ويصوم يوما ويفطر يوما.


مطابقته للترجمة في قوله: " وينام سدسه " وهو النوم عند السحر كما سنبينه عن قريب.

(ذكر رجاله) وهم خمسة:

الأول: علي بن عبد الله المعروف بابن المديني .

الثاني: سفيان بن عيينة .

الثالث: عمرو بن دينار .

الرابع: عمرو بن أوس الثقفي المكي ، مات سنة أربع وتسعين، وفي تذهيب التهذيب عمرو بن أوس الثقفي الطائفي ، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال بعضهم: هو تابعي كبير، ووهم من ذكره في الصحابة، وإنما الصحبة لأبيه، وذكر الذهبي عمرو بن أوس في تجريد الصحابة، وقال: عمرو بن أوس الثقفي الطائفي له وفادة ورواية، روى عنه ابنه عثمان .

الخامس: عبد الله بن عمرو بن العاص .

(ذكر لطائف إسناده): فيه التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع، وفيه الإخبار بصيغة الإفراد في موضعين، وفيه أن شيخه مدني والبقية مكيون ، وفيه رواية التابعي عن التابعي عن الصحابي، وعلى قول من يقول أن عمرو بن أوس من الصحابة يكون فيه رواية الصحابي عن الصحابي.

(ذكر تعدد موضعه، ومن أخرجه غيره) أخرجه البخاري أيضا في "أحاديث الأنبياء" عن قتيبة ، وأخرجه مسلم في "الصوم" عن أبي بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب ، كلاهما عن سفيان ، وعن محمد بن رافع عن عبد الرزاق ، وأخرجه أبو داود فيه عن أحمد بن حنبل ومحمد بن عيسى ومسدد ، ثلاثتهم عن سفيان به، وأخرجه النسائي فيه وفي "الصلاة" عن قتيبة به، وأخرجه ابن ماجه في "الصوم" عن إبراهيم بن محمد الشافعي المكي عن سفيان به.

(ذكر معناه):

قوله: " له " ، أي: لعبد الله بن عمرو .

قوله: " أحب الصلاة إلى الله " لفظة أحب بمعنى المحبوب وهو قليل ; إذ غالب أفعل التفضيل أن يكون بمعنى الفاعل، وإطلاق المحبة على الله تعالى كناية عن إرادة الخير.

قوله: " صلاة داود عليه السلام " ، وقال المهلب : كان داود عليه الصلاة والسلام يجم نفسه بنوم أول الليل، ثم يقوم في الوقت الذي ينادي فيه الرب: هل من سائل فأعطيه سؤله ؟ هل من مستغفر فأغفر له ؟ ثم يستدرك من النوم ما يستريح به من نصب القيام في بقية الليل، وإنما صار ذلك أحب إلى الله من أجل الأخذ بالرفق على النفوس التي يخشى منها السآمة التي هي سبب ترك العبادة، والله يحب أن يديم فضله ويوالي إحسانه، وقيل: يراد بقوله: " أحب الصلاة إلى الله صلاة داود " من عدا النبي - صلى الله عليه وسلم - لقوله تعالى: يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا الآيات، وفيه نظر ; لأن هذا الأمر قد نسخ، وفي كتاب المحاملي : وإن صلى بعض الليل فأي وقت أفضل فيه ؟ قولان:

أحدهما: أن يصلي جوف الليل.

والثاني: وقت السحر ليصلي به صلاة الفجر.

قوله: " وأحب الصيام إلى الله صيام داود " ظاهره أنه أفضل من صوم الدهر عند عدم التضرر، ولا شك أن المكلف لم يتعبد بالصيام خاصة، بل به وبالحج وبالجهاد وغير ذلك، فإذا استفرغ جهده في الصوم خاصة انقطعت قوته وبطلت سائر العبادات، فأمر أن يستبقي قوته لها.

قوله: " وكان " ، أي: داود عليه الصلاة والسلام، وهذا بيان صلاته، وقوله: " ويصوم يوما ويفطر يوما " بيان صيامه.

التالي السابق


الخدمات العلمية