صفحة جزء
1137 217 - حدثنا عبد الله بن يوسف، قال: أخبرنا مالك، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عباد بن تميم ، عن عبد الله بن زيد المازني رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة.


قيل: المطابقة بين الترجمة، والحديث غير تامة; لأن المذكور في الترجمة القبر، وفي الحديث البيت، وأجيب بأن القبر في البيت; لأن المراد بيت سكناه، والنبي صلى الله عليه وسلم دفن في بيت سكناه.

(ذكر رجاله)، وهم خمسة قد ذكروا:

أما شيخه ومالك فقد تكررا، وأما عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري فقد تقدم في باب الوضوء مرتين، وعباد بفتح العين، وتشديد الباء الموحدة ابن تميم بن زيد بن عاصم الأنصاري ، وعبد الله بن زيد بن عاصم المازني بكسر الزاي بعدها نون الأنصاري، وكلاهما قد تقدما هناك.

(ذكر لطائف إسناده) فيه التحديث بصيغة الجمع في موضع واحد، وفيه الإخبار كذلك في موضع واحد، وفيه العنعنة في ثلاثة مواضع، وفيه أن رواته مدنيون غير شيخه، وهو من أفراده، وفيه رواية الرجل عن عمه، وهو عباد يروي عن عمه عبد الله بن زيد .

(ذكر من أخرجه غيره) أخرجه مسلم في المناسك، عن قتيبة ، عن مالك بن أنس فيما قرأ عليه، عن عبد الله بن أبي بكر ، عن عباد بن تميم ، عن عبد الله بن زيد المازني ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ، وأخرجه النسائي فيه، وفي الصلاة، عن قتيبة به.

(ذكر معناه):

قوله: (ما بين بيتي) ، كلمة " ما " موصولة مرفوع محلا بالابتداء، وخبره هو.

قوله: (روضة) الروضة في كلام العرب المطمئن من الأرض فيه النبت، والعشب.

قوله: (بيتي) هو الصحيح من الرواية. وروي مكانه: قبري، وجعله بعضهم تفسيرا لبيتي، قاله زيد بن أسلم ، وحمل كثير من العلماء الحديث على ظاهره فقالوا: ينقل ذلك الموضع بعينه إلى الجنة كما قال تعالى: وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء ذكر أن الجنة تكون في الأرض يوم القيامة، ويحتمل أن يريد به أن العمل الصالح في ذلك الموضع يؤدي صاحبه إلى الجنة، كما قال صلى الله عليه وسلم: ارتعوا في رياض الجنة - يعني حلق الذكر والعلم لما كانت مؤدية إلى الجنة، فيكون معناه التحريض على زيارة قبره صلى الله عليه وسلم، والصلاة في مسجده، وكذا: الجنة تحت ظلال السيوف.

[ ص: 262 ] واستبعده ابن التين ، وقال: يؤدي إلى الشنططة، والشك في العلوم الضرورية، وقيل: إنها من رياض الجنة الآن حكاه ابن التين ، وأنكره، والحمل على التأويل الثاني يحتمل وجهين:

أحدهما: أن اتباع ما يتلى فيه من القرآن والسنة يؤدي إلى رياض الجنة، فلا يكون للبقعة فيها فضيلة إلا لمعنى اختصاص هذه المعاني بها دون غيرها.

والثاني: أن يريد أن ملازمة ذلك الموضع بالطاعة يؤدي إليها لفضيلة الصلاة فيه على غيره قال: وهو أبين; لأن الكلام خرج على تفضيل ذلك الموضع، انتهى.

(قلت): على هذا الوجه أيضا لا تكون للبقعة فضيلة إلا لأجل اختصاص ذلك المعنى بها، والتحقيق فيه أن هذا الكلام يحتمل أن يكون حقيقة إذا نقل هذا الموضع إلى الجنة، ويحتمل أن يكون مجازا باعتبار المآل كما في قوله: (الجنة تحت ظلال السيوف) ، أي: الجهاد مآله إلى الجنة، أو هو تشبيه، أي: هو كروضة، وسميت تلك البقعة المباركة روضة; لأن زوار قبره من الملائكة، والإنس والجن لم يزالوا مكبون فيها على ذكر الله تعالى، وعبادته، وقال الخطابي : معنى الحديث تفضيل المدينة ، وخصوصا البقعة التي بين البيت والمنبر، يقول: من لزم طاعة الله في هذه البقعة آلت به الطاعة إلى روضة من رياض الجنة، ومن لزم عبادة الله عند المنبر سقي في الجنة من الحوض، وقال عياض : في تفسير قوله: (ومنبري على حوضي) ذكر أكثر العلماء أن المراد أن هذا المنبر بعينه يعيده الله تعالى على حوضه. قال: وهذا هو الأظهر، وقيل: إن له هناك منبرا على حوضه.

التالي السابق


الخدمات العلمية