صفحة جزء
1218 باب من استعد الكفن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينكر عليه
أي هذا باب في بيان من استعد الكفن ، أي أعده وليست السين للطلب . قوله : " فلم ينكر عليه " على صيغة المجهول ، ويروى على صيغة المعلوم ، ويكون الفاعل هو النبي صلى الله عليه وسلم . وقيل : يروى : " فلم ينكره بها " ، أي فلم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم الرجل الذي طلب البردة التي أهديت إليه ، وكان طلبه إياها منه صلى الله عليه وسلم لأجل أن يكفن فيها ، وكانت الصحابة أنكروا عليه ، فلما قال : : " إنما طلبتها لأكفن فيها " أعذروه ، فلم ينكروا ذلك عليه ، وأشار البخاري بهذه الترجمة إلى تلك القضية ، واستفيد من ذلك جواز تحصيل ما لا بد للميت منه من كفن ونحوه في حال حياته ; لأن أفضل ما ينظر فيه الرجل في الوقت المهمل وفسحة الأجل الاعتداد للمعاد ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : : " أفضل المؤمنين إيمانا أكثرهم للموت ذكرا وأحسنهم له استعدادا " ، وقال الضميري : لا يستحب الإنسان أن يعد لنفسه كفنا لئلا يحاسب عليه ، وهو صحيح إلا إذا كان من جهة يقطع بحلها ، أو من أثر أهل الخير والصلحاء ; فإنه حسن ، وهل يلحق بذلك حفر القبر في حياته ، فقال ابن بطال : قد حفر جماعة من الصالحين قبورهم قبل الموت بأيديهم ; ليتمثلوا حلول الموت فيه . ورد عليه بعضهم بأن ذلك لم يقع من أحد من الصحابة ، ولو كان مستحبا لكثر فيهم . قلت : لا يلزم من عدم وقوعه من أحد من الصحابة عدم جوازه ; لأن ما رآه المؤمنون حسنا فهو عند الله حسن ، ولا سيما إذا فعله قوم من الصلحاء الأخيار .

التالي السابق


الخدمات العلمية