صفحة جزء
1289 ( باب إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه وهل يعرض على الصبي الإسلام )
أي هذا باب يذكر فيه إذا أسلم الصبي فمات قبل البلوغ هل يصلى عليه أم لا ؟ هذه ترجمة ، وقوله وهل يعرض على الصبي الإسلام ترجمة أخرى . أما الترجمة الأولى ففيها خلاف ، فلذلك لم يذكر جواب الاستفهام ، ولا خلاف أنه يصلى على الصغير المولود في الإسلام لأنه كان على دين أبويه ، قال ابن القاسم : إذا أسلم الصغير وقد عقل الإسلام فله حكم المسلمين في الصلاة عليه ، واختلفوا في حكم الصبي إذا أسلم أحد أبويه على ثلاثة أقوال . أحدها : يتبع أيهما أسلم وهو أحد قولي مالك ، وبه أخذ ابن وهب ويصلى عليه إن مات على هذا ، والثاني : يتبع أباه ولا يعد بإسلام أمه مسلما ، وهذا قول مالك في ( المدونة ) ، والثالث : تبع لأمه وإن أسلم أبوه ، وهذه مقالة شاذة ليست في مذهب مالك ، وقال ابن بطال : أجمع العلماء في الطفل الحربي يسبى ومعه أبواه أن إسلام الأم إسلام له ، واختلفوا فيما إذا لم يكن معه أبوه أو وقع في القسمة دونهما ثم مات في ملك مشتريه ، فقال مالك في ( المدونة ) : لا يصلى عليه إلا أن يجيب إلى الإسلام بأمر يعرف به أنه عقله ، وهو المشهور من مذهبه ، وعنه إذا لم يكن معه أحد من آبائه ولم يبلغ أن يتدين أو يدعى ونوى سيده الإسلام فإنه يصلى عليه ، وأحكامه أحكام المسلمين في الدفن في مقابر المسلمين والموارثة ، وهو قول ابن الماجشون ، وابن دينار ، وأصبغ ، وإليه ذهب أبو حنيفة وأصحابه والأوزاعي والشافعي ، وفي ( شرح الهداية ) : إذا سبي صبي معه أحد أبويه فمات لم يصل عليه حتى يقر بالإسلام وهو يعقل أو يسلم أحد أبويه ، خلافا لمالك في إسلام الأم ، وللشافعي في إسلامه هو ، والولد يتبع خير الأبوين دينا ، وللتبعية مراتب أقواها تبعية الأبوين ثم الدار ثم اليد ، وفي ( المغني ) : لا يصلى على أولاد المشركين إلا أن يسلم أحد أبويهم أو يموت مشركا فيكون ولده مسلما أو يسبى منفردا أو مع أحد أبويه فإنه يصلى عليه ، وقال أبو ثور : إذا سبي مع أحد أبويه لا يصلى عليه إلا إذا أسلم ، وعنه : إذا أسر مع أبويه أو أحدهما أو وحده ثم مات قبل أن يختار الإسلام يصلى عليه .

وأما الترجمة الثانية : فإنه ذكرها هنا بلفظ الاستفهام ، وترجم في كتاب الجهاد بصيغة تدل على الجزم بذلك ، فقال : كيف يعرض الإسلام على الصبي ، وذكر فيه قصة ابن صياد ، وفيه : وقد قارب ابن صياد يحتلم فلم يشعر حتى ضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - ظهره بيده ، ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " أتشهد أني رسول الله " الحديث ، وفيه عرض الإسلام على الصغير ، واحتج به قوم على صحة إسلام الصبي إن قارب الاحتلام وهو مقصود البخاري من تبويبه بقوله : وهل يعرض على الصبي الإسلام ، وجوابه يعرض ، وبه قال أبو حنيفة ومالك خلافا للشافعي .

التالي السابق


الخدمات العلمية