صفحة جزء
1344 14 - حدثنا عبد الله بن منير ، سمع أبا النضر قال : حدثنا عبد الرحمن هو ابن عبد الله بن دينار ، عن أبيه ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ، ولا يقبل الله إلا الطيب ، وإن الله يتقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه ، حتى تكون مثل الجبل .
مطابقته للترجمة في قوله : " من كسب طيب " .

( ذكر رجاله ) وهم ستة : الأول : عبد الله بن منير بضم الميم وكسر النون ، مر في باب الغسل والوضوء في المخضب . الثاني : أبو النضر بفتح النون وسكون الضاد المعجمة ، اسمه سالم بن أبي أمية ، مولى عمر بن عبيد الله بن معمر القريشي التيمي . الثالث : عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار مولى عبد الله بن عمر ، مر في باب المسح على الخفين . الرابع : أبوه عبد الله بن دينار . الخامس : أبو صالح ذكوان الزيات السمان . السادس : أبو هريرة - رضي الله عنه .

( ذكر لطائف إسناده ) : فيه : التحديث بصيغة الجمع في موضعين ، وفيه السماع ، وفيه العنعنة في ثلاثة مواضع ، وفيه أن رواته كلهم مدنيون ، وفيه رواية الابن ، عن الأب ، وفيه اثنان مذكوران بالكنية ، وفيه رواية التابعي ، عن التابعي ، عن الصحابي .

( ذكر من أخرجه غيره ) أخرجه مسلم في الزكاة أيضا ، عن أحمد بن عثمان بن حكيم ، عن خالد بن مخلد به .

( ذكر معناه ) : قوله : " بعدل تمرة " بكسر العين هو ما عادل الشيء من غير جنسه ، وبالفتح : ما عادله من جنسه ، تقول : عندي عدل دراهمك من الثياب ، وعدل دراهمك من الدراهم ، وقال البصريون : العدل والعدل لغتان ، وقال الخطابي : بعدل تمرة ، أي : قيمة تمرة ، يقال : هذا عدله بفتح العين ، أي مثله في القيمة ، وبكسرها ، أي : مثله في المنظر ، وزعم ابن قتيبة أن العدل بالفتح المثل ، واحتج بقوله تعالى : أو عدل ذلك صياما والعدل بالكسر القيمة ، وزعم ابن التين أنه على هذا جماعة من أهل اللغة ، وفي [ ص: 270 ] المحكم : العدل والعديل ، والعدل النظير والمثل . وقيل : هو المثل وليس بالنظير عينه ، والجمع أعدال وعدلاء . وقيل : ضبط هاهنا بالفتح عند الأكثرين ، قوله : " من كسب طيب " ، أي : حلال ، وهي صفة مميزة لعدل تمرة ليمتاز الكسب الخبيث الحرام ، قوله : " ولا يقبل الله إلا الطيب " جملة معترضة واردة على سبيل الحصر بين الشرط والجزاء تأكيدا وتقريرا للمطلوب في النفقة .

وفي رواية سليمان بن بلال الآتي ذكرها " ولا يصعد إلى الله إلا الطيب " وزاد سهيل في روايته الآتي ذكرها " فيضعها في حقها " قوله : " بيمينه " قال الخطابي : جرى ذكر اليمين ليدل به على حسن القبول ; لأن في عرف الناس أن أيمانهم مرصدة لما عز من الأمور . وقيل : المراد سرعة القبول ، وقال الطيبي : ولما قيد الكسب بالطيب أتبعه اليمين لمناسبة بينهما في الشرف ، ومن ثمة كانت يده اليمنى - صلى الله عليه وسلم - للطهور .

وفي رواية سهيل : إلا أخذها بيمينه .

وفي رواية مسلم بن أبي مريم الآتي ذكرها : فيقبضها .

وفي حديث عائشة عند البزار : " فيتلقاها الرحمن بيده " ، ويقال : لما كانت الشمال عادة تنقص عن اليمين بطشا وقوة ، عرفنا الشارع بقوله : وكلتا يديه يمين ، فانتفى النقص تعالى عنه ، والجارحة على الرب محال ، قوله : " فلوه " بفتح الفاء وضم اللام وتشديد الواو ، وهو المهر ; لأنه يعلى ، أي : يعظم ، والأنثى : فلوة ، مثال عدوة ، والجمع : أفلاء مثل أعداء ، وقال الداودي : يقال للمهر فلو ، وللجحش ولد الحمار فلوة بكسر الفاء ، وقال الجوهري ، عن أبي زيد : إذا فتحت الفاء شددت الواو ، وإذا كسرت خففت ، فقلت : فلو مثل جرو .

وفي المخصص إذا بلغ سنة ، يعني : ولد الجحش ، فهو فلو ، وعن سيبويه ، والجمع أفلاء ، ولم يكسر على فعل كراهية الإخلال ، ولا كسروه على فعلان كراهية الكسرة قبل الواو ، وإن كان بينهما حاجز ; لأن الساكن ليس بحاجز حصين ، وعن الأعرابي : الفلو كالتلو ، وخص أبو عبيد به فلو الأتان ، والجمع كالجمع إلا أنه لا يحوج إلى الاعتذار من فعلان ، وقد فلى مهره إذا فصله من أمه وأفلاه ، وعن ابن السكيت : فلوته عن أمه وافتليته : فصلته عنها ، وعن ابن دريد : فلوت المهر : نحيته ، وعن أبي عبيد : فلوت المهر عن أمه فهو فلو ، وفرس مفل ومفلية ذات فلو . وفي المحكم : فلوت الصبي والمهر والجحش فلوا .

وفي الجامع زاد القزاز : الجمع أفلاء وفلاء ، وقول العامة فلو خطأ ، وجمع الفلوة فلاوى مثل خطايا .

وفي المنتخب : لكراع يصف أولاد الخيل ، ولا يقع عليه اسم الفلو حتى يفتلى من أمه ، أي : يفطم ثم هو فلو حتى يحول عليه الحول ثم هو حولي حتى يتجاذع .

وفي المغيث لأبي موسى ، والجمع فلو بضم الفاء .

وفي كتاب الفرق لأبي حاتم السجستاني قالوا في ولد الخيل العراب والبراذين للذكران مهر وللأنثى مهرة ، فإذا كانت له سبعة أشهر أو ثمانية يقال له الخروف ، والجمع خرف ، فإذا كانت له سنة ، فهو فلو والأنثى فلوة ، ولا يقال فلو ، ولا فلوة كما يقول من لا يعلم من العوام ، وقد أولعوا بذلك .

وفي كتاب الوحوش : يقال لولد الحمار مهر وتولب وتالب ، وهي المهار والفلاء ، قال : وحمر الوحوش على هذه الصفة ، وقوله : " كما يربي أحدكم فلوه " ضرب المثل ; لأنه يزيد زيادة بينة فكذلك الصدقة نتاج العمل ، فإذا كانت من حلال لا يزال نظر الله إليها حتى تنتهي بالتضعيف إلى أن تصير التمرة كالجبل ، وهو معنى قوله : " حتى تكون مثل الجبل " قال الداودي : أي كمن تصدق بمثل الجبل وتربية الصدقات مضاعفة الأجر عليها وإن أريد به الزيادة في كمية عينها ، ليكون أثقل في الميزان لم ينكر ذلك .

وفي رواية مسلم رحمه الله تعالى من طريق سعيد بن يسار ، عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - : حتى تكون أعظم من الجبل .

وفي رواية ابن جرير من وجه آخر ، عن القاسم : حتى يوافي بها يوم القيامة ، وهي أعظم من أحد .

وفي رواية القاسم عند الترمذي بلفظ : حتى إن اللقمة لتصير مثل أحد .

التالي السابق


الخدمات العلمية