صفحة جزء
1360 ( إلا أن يكون معروفا بالصبر فيؤثر على نفسه ولو كان به خصاصة كفعل أبي بكر - رضي الله عنه - حين تصدق بماله ) .
قوله : " إلا أن يكون " من كلام البخاري ، وهو استثناء من الترجمة ، أو من لفظ من تصدق ، وهو محتاج ، أي : فهو أحق إلا أن يكون معروفا بالصبر ، فإنه حينئذ له أن يؤثر غيره على نفسه ، ويتصدق به وإن كان غير غني أو محتاجا إليه ، قوله " خصاصة " ، أي : فقر وخلل ، قوله " كفعل أبي بكر حين تصدق بماله " ، أي : بجميع ماله ; لأنه كان صابرا ، وقد يقال تخلي أبي بكر عن ماله كان عن ظهر غنى ; لأنه كان غنيا بقوة توكله ، وتصدق أبي بكر بجميع ماله مشهور في السير ، وورد في حديث مرفوع ، أخرجه أبو داود وصححه الترمذي ، والحاكم من طريق زيد بن أسلم ، سمعت عمر - رضي الله تعالى عنه - يقول : أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نتصدق ، فوافق ذلك مالا عندي ، فقلت : اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما ، فجئت بنصف مالي وأتى أبو بكر بكل ما عنده ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : يا أبا بكر ، ما أبقيت لأهلك ؟ قال : أبقيت لهم الله ورسوله ، وقال الطبري وغيره : قال الجمهور : من تصدق بماله كله في صحة بدنه وعقله حيث لا دين عليه ، وكان صبورا على الإضافة ولا عيال له أو له عيال يصبرون أيضا ، فهو جائز ، فإن فقد شيئا من هذه الشروط كره ، وقال بعضهم : هو مردود . وروي عن عمر - رضي الله تعالى عنه - حيث رد على غيلان الثقفي قسمة ماله ، وقال آخرون : يجوز من الثلث ، ويرد عليه الثلثان ، وهو قول الأوزاعي ومكحول ، وعن مكحول أيضا [ ص: 294 ] يرد ما زاد على النصف .

التالي السابق


الخدمات العلمية