صفحة جزء
1372 ( باب أجر المرأة إذا تصدقت أو أطعمت من بيت زوجها غير مفسدة )
أي هذا باب في بيان أجر المرأة إذا تصدقت من مال زوجها ، أو أطعمت شيئا من بيت زوجها حال كونها غير مفسدة ، ولم يقيد هنا بالأمر ، وقيد به في الخازن في الباب الذي قبله ; لأن للمرأة أن تتصرف في بيت زوجها للرضى بذلك غالبا ، ولكن بشرط عدم الإفساد بخلاف الخازن ; لأنه ليس له تصرف إلا بالإذن ، والدليل على ذلك ما رواه البخاري من حديث همام ، عن أبي هريرة بلفظ : " إذا أنفقت المرأة من كسب زوجها من غير أمره ، فلها نصف أجره " وسيأتي الحديث في البيوع .

وقال النووي : اعلم أنه لا بد في العامل ، وهو الخازن ، وفي الزوجة والمملوك من إذن المالك في ذلك ، فإن لم يكن له إذن أصلا فلا يجوز لأحد من هؤلاء الثلاثة ، بل عليهم وزر تصرفهم في مال غيرهم بغير إذنه ، والإذن ضربان : أحدهما الإذن الصريح في النفقة والصدقة ، والثاني الإذن المفهوم من اطراد العرف ، كإعطاء السائل كسرة ونحوها مما جرت به العادة ، واطراد العرف فيه ، وعلم بالعرف رضى الزوج والمالك به ، فإذنه في ذلك حاصل وإن لم يتكلم ، وهذا إذا علم رضاه لاطراد العرف ، وعلم أن نفسه كنفوس غالب الناس في السماحة بذلك ، والرضى به ، فإن اضطرب العرف وشك في رضاه أو كان شحيح النفس يشح بذلك ، وعلم من حاله ذلك أو شك فيه لم يجز للمرأة وغيرها التصدق من ماله إلا بصريح إذنه ، وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - وأشار به إلى ما ذكرناه من حديث أبي هريرة آنفا ، فمعناه من غير أمره الصريح في ذلك القدر المهين ، ويكون معها إذن سابق يتناول لهذا القدر وغيره ، وذلك هو الإذن الذي قدمناه سابقا ، إما بالصريح وإما بالعرف ، ولا بد من هذا التأويل ; لأنه - صلى الله عليه وسلم - جعل الأجر مناصفة في رواية أبي داود رحمه الله ، فلها نصف أجره ، ومعلوم أنها إذا أنفقت من غير إذن صريح ، ولا معروف من العرف فلا أجر لها ، بل عليها وزر ، فتعين تأويله .

التالي السابق


الخدمات العلمية