صفحة جزء
1375 46 - حدثنا موسى ، قال : حدثنا وهيب قال : حدثنا ابن طاوس ، عن أبيه ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " مثل البخيل والمتصدق كمثل رجلين عليهما جبتان من حديد " .
مطابقته للترجمة من حيث إن الترجمة جزء من الحديث ، وهو ظاهر .

ورجاله قد ذكروا غير مرة ، وموسى هو ابن إسماعيل التبوذكي ، وابن طاوس هو عبد الله .

وأخرجه البخاري أيضا في الجهاد ، عن موسى بن إسماعيل ، وأخرجه مسلم في الزكاة ، عن أبي بكر بن أبي شيبة ، وأخرجه النسائي فيه ، عن أحمد بن سليمان .

قوله : " مثل البخيل والمنفق " ووقع عند مسلم من طريق سفيان ، عن أبي الزناد " مثل المنفق والمتصدق " قال عياض : هو وهم ، ويمكن أنه حذف مقابله لدلالة السياق عليه ، وقال النووي : وقع في باقي الروايات مثل البخيل والمتصدق ، وقد يحتمل أن صحة رواية المنفق والمتصدق أن يكون فيه حذف ، تقديره : مثل المنفق والمتصدق وقسيمهما هو البخيل ، وحذف البخيل لدلالة المنفق والمتصدق عليه ، كقوله تعالى : سرابيل تقيكم الحر أي : والبرد ، حذف البرد لدلالة الكلام عليه ، قيل : رواه الحميدي وأحمد وابن أبي عمرو وغيرهم في مسانيدهم ، عن ابن عيينة ، فقالوا في رواياتهم : " مثل المنفق والبخيل " كما في رواية شعيب ، عن أبي الزناد ، وهو الصواب ، قوله : " والمتصدق " .

[ ص: 308 ] وقع في بعض الأصول المتصدق بالتاء . وفي بعضها بحذف التاء ، وتشديد الصاد ، هما صحيحان ، قاله النووي .

( قلت ) : وجه هذا أن التاء لا تحذف ، بل تقلب صادا ثم تدغم الصاد في الصاد ، وهذا الذي تقتضيه القاعدة . قوله " كمثل رجلين " . وفي رواية عمرو " رجل " بالإفراد ، وكأنه تغيير من بعض الرواة ، وصوابه رجلين ، قوله " جبتان " بضم الجيم وتشديد الباء الموحدة ، كذا في هذه الرواية ، ووقع في رواية مسلم " كمثل رجل عليه جبتان أو جنتان " ، وقال النووي : أما جبتان أو جنتان ، فالأول بالباء والثاني بالنون ، ووقع في بعض الأصول عكسه ، وقال ابن قرقول : والنون أصوب بلا شك ، وهي الدرع ، يدل عليه قوله في الحديث نفسه : " لزقت كل حلقة " . وفي لفظ " فأخذت كل حلقة موضعها " ، وكذا قوله " من حديد " .

( قلت ) : ورواه حنظلة بن أبي سفيان الجمحي ، عن طاوس بالنون كما يجيء عن قريب ، ورجحت هذه الرواية بما قاله ابن قرقول ، والجنة هي الحصن في الأصل ، وسميت بها الدرع ; لأنها تجن صاحبها ، أي : تحصنه ، والجبة بالباء الموحدة هي الثوب المعين ، وقال بعضهم : ولا مانع من إطلاقه على الدرع .

( قلت ) : المانع موجود ; لأن الجبة بالباء لا تحصن مثل الجنة بالنون ، وقال الزمخشري في الفائق : جنتان بالنون في هذا الموضع بلا شك ، ولا اختلاف ، وقال الطيبي : هو الأنسب ; لأن الدرع لا يسمى جبة بالباء ، بل بالنون .

التالي السابق


الخدمات العلمية