صفحة جزء
1377 ( باب قدر كم يعطى من الزكاة والصدقة ومن أعطى شاة )
أي هذا باب في بيان قدر كم يعطى من الزكاة ، وكم يعطى من الصدقة ، وإنما لم يبين الكمية فيها اعتمادا على سبق الأفهام إليه ; لأن عادته قد جرت بمثل ذلك في مواضع كثيرة ، أما الكمية في قدر ما يعطى من الزكاة ، فقد علمت في أبواب الزكاة في كل صنف من الأصناف ، وقد أشار في الكتاب إلى أكثرها على ما يجيء إن شاء الله تعالى ، وقد علم أيضا أن التنقيص فيها من الذي نص عليه الشارع لا يجوز ، وأما الكمية في الصدقة فغير مقدرة ; لأن المتصدق محسن ، والله يحب المحسنين ، قوله " كم يعطى " على بناء المجهول ، ويجوز أن يكون على بناء المعلوم ، أي : مقدار كم يعطي المزكي في زكاته ، وكم يعطي المتصدق في صدقته ، وقال بعضهم : وحذف مفعول يعطى اختصارا لكونهم ثمانية أصناف ، وأشار بذلك إلى الرد على من كره أن يدفع إلى شخص واحد قدر النصاب ، وهو محكي ، عن أبي حنيفة - رضي الله تعالى عنه .

( قلت ) : ليت شعري كم من ليلة سهر هذا القائل حتى سطر هذا الكلام الذي تمجه الأسماع وحذف المفعول هنا كما في قولهم " فلان يعطى ويمنع " وكيف يدل ذلك على الرد على أبي حنيفة - رحمه الله تعالى - ولكن هذا يطرد في الصدقة ، ولا يطرد في الزكاة على ما لا يخفى ، قوله " والصدقة " من عطف العام على الخاص ، قيل : لو اقتصر على الزكاة لأوهم أن غيرها بخلافها .

( قلت ) : لا يشك أحد أن حكم الصدقة غير حكم الزكاة إذا ذكرت في مقابلة الزكاة ، وأما إذا أطلق لفظ الصدقة فتكون شاملة لهما ، قوله : " ومن أعطى شاة " عطف على قوله : " قدر كم يعطى " ، أي : وفي بيان حكم من أعطى شاة ، فكأنه أشار بذلك إلى أنه إذا أعطى شاة في الزكاة إنما تجوز إذا كانت كاملة ; لأن الشارع نص على كمال الشاة في موضع تؤخذ منه الشاة ، فإذا أعطى جزأ منها لا يجوز ، وأما في الصدقة فيجوز أن يعطي الشاة كلها ، ويجوز أن يعطي جزأ منها ، على ما يأتي بيان ذلك في حديث الباب إن شاء الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية