صفحة جزء
130 وقالت عائشة : نعم النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين .
مطابقة هذا الأثر المعلق أيضا مثل مطابقة الأثر المروي عن مجاهد ، وقال الكرماني : وقالت عطف على وقال مجاهد ، ويحتمل أن يكون عطفا على لا يتعلم ، فيكون من مقول مجاهد أيضا ، والأصح أن مجاهدا سمع من عائشة رضي الله عنها .

قلت : هذا تعسف والصواب ما قاله أولا من أنه عطف على قال مجاهد ، فهذا من كلام مجاهد ، وهذا من كلام عائشة ، وليس لأحدهما تعلق بالآخر ، وهذا التعليق رواه أبو داود عن عبيد الله بن معاذ ، حدثنا أبي ، حدثنا شعبة ، عن إبراهيم بن مهاجر ، عن صفية بنت شيبة ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : نعم النساء نساء الأنصار ; لم يكن يمنعهن الحياء أن يسألن عن الدين ويتفقهن فيه .

قوله : " نعم النساء " كلمة " نعم " من أفعال المدح كما أن بئس من أفعال الذم وهي ما وضع لإنشاء مدح أو ذم وشرطها أن يكون الفاعل معرفا باللام أو مضافا إلى [ ص: 211 ] المعرف بها وهما فعلان بدليل جواز اتصال تاء التأنيث الساكنة بهما في كل اللغات ويجوز حذفها ، وإن كان الفاعل مؤنثا حقيقيا لأنه غير متصرف ، فأشبه الحرف ، ومنه قول عائشة حيث قالت : نعم النساء ، ولم تقل : نعمت النساء ، فارتفاع النساء على الفاعلية وارتفاع النساء الثانية على أنها مخصوصة بالمدح كما في قولك : نعم الرجل زيد ، فهو مبتدأ وما قبله من الجملة خبره .

قوله : " الحياء " فاعل " لم يمنعهن " .

قوله : " أن يتفقهن " تقديره عن أن يتفقهن ، وأن مصدرية ، والتقدير عن التفقه في أمور الدين ، والمراد من نساء الأنصار نساء أهل المدينة .

التالي السابق


الخدمات العلمية