صفحة جزء
[ ص: 225 ] بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب الوضوء
قد ذكرنا أنه افتتح الكتاب أولا بالمقدمة وهو باب الوحي ، ثم ذكر الكتب المشتملة على الأبواب ، وقدم كتاب الإيمان وكتاب العلم للمعنى الذي ذكرناه عند كتاب الإيمان ، ثم شرع بذكر الكتب المتعلقة بالعبادات وقدمها على غيرها من الكتب المتعلقة بنحو المعاملات والآداب والحدود وغير ذلك ; لأن ذكرها عقيب كتاب العلم والإيمان أنسب لأن أصل العبادات ومبناها الإيمان ومعرفتها على ما يجب وينبغي بالعلم ، ثم قدم كتاب الصلاة بأنواعها على غيرها من كتب العبادات لكونها تالية الإيمان في الكتاب والسنة ، ولأن الاحتياج إلى معرفتها أشد لكثرة دورانها ثم قدم كتاب الوضوء لأنها شرط الصلاة وشرط الشيء يسبقه ، ووقع في بعض النسخ كتاب الطهارة وبعده باب ما جاء في الوضوء وهذا أنسب ; لأن الطهارة أعم من الوضوء ، والكتاب الذي يذكر فيه نوع من الأنواع ينبغي أن يترجم بلفظ عام حتى يشمل جميع أقسام ذلك الكتاب ، ثم الكلام في لفظ الكتاب قد مر عند كتاب الإيمان .

والطهارة في اللغة مصدر من طهر الشيء بضم الهاء وفتحها ، وفي العباب طهر الشيء ، وطهر أيضا بالضم وبالفتح أعلى طهارة ، والطهر بالضم الاسم ، والطهرة اسم من التطهير ، والطهر نقيض الحيض ، والتركيب يدل على نقاء وإزالة دنس .

وفي الشرع الطهارة هي النظافة والوضوء بضم الواو من الوضاءة وهو الحسن والنظافة تقول وضؤ الرجل أي : صار وضيئا والمرأة وضيئة والوضوء بالفتح : الماء الذي يتوضأ به . وفي العباب : الوضوء أيضا يعني بالفتح مصدر من توضأت للصلاة مثل القبول ، وأنكر أبو عمرو بن العلاء الفتح في غير القبول ، وقال الأصمعي : قلت لأبي عمرو : ما الوضوء ؟ - بالفتح - قال : الماء الذي يتوضأ به .

قلت : فما الوضوء بالضم ؟ قال : لا أعرفه ، وأما إسباغ الوضوء فبفتح الواو لا غير لأنه في معنى إبلاغ الوضوء مواضعه ، وذكر الأخفش في قوله تعالى : وقودها الناس والحجارة فقال الوقود بالفتح الحطب ، والوقود بالضم الإيقاد وهو المصدر ، قال : ومثل ذلك الوضوء وهو الماء والوضوء وهو المصدر ثم قال : وزعموا أنهما لغتان بمعنى واحد ، تقول : الوقود والوقود يجوز أن يعني بهما الحطب ، ويجوز أن يعني بهما المصدر ، وقال غيره : القبول والولوع مفتوحان وهما مصدران شاذان ، وما سواهما من المصادر فمبني على الضم .

قلت : الحاصل أن في الوضوء ثلاث لغات :

أشهرها أنه بضم الواو اسم للفعل وبفتحها اسم للماء الذي يتوضأ به ، ونقلها ابن الأنباري عن الأكثرين .

الثاني : أنه بفتح الواو فيهما وهو قول جماعات منهم الخليل قال : والضم لا يعرف .

الثالث : أنه بالضم فيهما وهي غريبة ضعيفة حكاها صاحب المطالع وهذه اللغات الثلاث مثلها في الطهور .

التالي السابق


الخدمات العلمية