صفحة جزء
1505 (باب فضل مكة وبنيانها)
أي: هذا باب في بيان فضل مكة شرفها الله وفي بنيانها.

فإن قلت: ليس في أحاديث الباب ذكر لبيان بنيان مكة فلم لم يقتصر على قوله: (باب فضل مكة)؟

قلت: لما كان بنيان الكعبة سببا لبنيان مكة وعمارتها اكتفى به، ولكنهم اختلفوا في أول من بنى الكعبة، فقيل: أول من بناها آدم عليه السلام، ذكره ابن إسحاق.

وقيل: أول من بناها شيث عليه السلام، وكانت قبل أن يبنيها خيمة من ياقوتة حمراء، يطوف بها آدم صلى الله عليه وسلم، ويأنس بها؛ لأنها أنزلت إليه من الجنة.

وقيل: أول من بناها الملائكة، وذلك لما قالوا: أتجعل فيها من يفسد فيها الآية، خافوا وطافوا بالعرش سبعا يسترضون الله ويتضرعون إليه، فأمرهم الله تعالى أن يبنوا البيت المعمور في السماء السابعة وأن يجعلوا طوافهم له؛ لكونه أهون من طواف العرش، ثم أمرهم أن يبنوا في كل سماء بيتا وفي كل أرض بيتا. قال مجاهد: هي أربعة عشر بيتا، وروي أن الملائكة حين أسست الكعبة انشقت الأرض إلى منتهاها وقذفت منها حجارة أمثال الإبل، فتلك القواعد من البيت التي وضع عليها إبراهيم وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام البيت، فلما جاء الطوفان رفعت وأودع الحجر الأسود أبا قبيس.

وروى عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء وسعيد بن المسيب أن آدم بناه من خمسة أجبل: من حراء وطور سيناء وطور زيتا وجبل لبنان والجودي وهذا غريب.

وروى البيهقي في بناء الكعبة في دلائل النبوة من طريق ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا: بعث الله جبريل إلى آدم وحواء عليهما السلام فأمرهما ببناء الكعبة، فبناه آدم عليه السلام ثم أمر بالطواف به، وقيل له: أنت أول الناس وهذا أول بيت وضع للناس .

وقال ابن كثير : إنه كما ترى من مفردات ابن لهيعة، وهي ضعيف، والأشبه أن يكون هذا موقوفا على عبد الله بن عمرو، ويكون من الزاملتين اللتين أصابهما يوم اليرموك من كلام أهل الكتاب.

التالي السابق


الخدمات العلمية