صفحة جزء
1530 199 - حدثنا أحمد بن صالح ويحيى بن سليمان قالا: حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمحجن.
مطابقته للترجمة في قوله: (يستلم الركن بمحجن).

ذكر رجاله: وهم سبعة:

الأول: أحمد بن صالح أبو جعفر توفي في ذي القعدة سنة ثمان وأربعين ومائتين.

الثاني: يحيى بن سليمان أبو سعيد الجعفي.

الثالث: عبد الله بن وهب.

الرابع: يونس بن يزيد.

الخامس: محمد بن مسلم بن شهاب الزهري.

السادس: عبيد الله - بضم العين - ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود.

السابع: عبد الله بن عباس.

ذكر لطائف إسناده:

فيه التحديث بصيغة الجمع في موضعين.

وفيه: الإخبار بصيغة الإفراد في موضع.

وفيه: العنعنة في ثلاثة مواضع.

وفيه: القول في ثلاثة مواضع.

وفيه: أن له شيخين: أحمد بن صالح مصري ويحيى بن سليمان كوفي سكن مصر، وكلاهما من أفراده، وابن وهب مصري، ويونس أيلي، وابن شهاب وعبيد الله مدنيان.

ذكر من أخرجه غيره:

أخرجه مسلم في الحج أيضا عن أبي الطاهر وحرملة بن يحيى.

وأخرجه أبو داود فيه عن أحمد بن صالح.

وأخرجه ابن ماجه فيه عن أبي الطاهر، وأخرج مسلم أيضا: عن أبي الطفيل: "رأيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يطوف بالبيت ويستلم الركن بمحجن معه ويقبل المحجن" وروى مسلم أيضا عن جابر: "طاف النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم في حجة الوداع على راحلته يستلم الحجر بمحجنه؛ لأن يراه الناس وليشرف ليسألوه" وروى عن عائشة أيضا قالت: "طاف النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في حجة الوداع حول الكعبة على بعيره يستلم الركن؛ كراهية أن يصرف الناس عنه" وروى أبو داود عن صفية بنت شيبة قالت: "لما اطمأن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بمكة عام الوداع طاف على بعيره يستلم الركن بمحجن في يده قالت: وأنا أنظر إليه".

قلت: هذا يرد قول النسائي والبرقاني أن صفية ليست لها صحبة، وروى ابن أبي حاتم من حديث أيمن بن نابل عن قدامة بن عبد الله قال: " رأيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يطوف بالبيت يستلم الحجر بمحجنه " وخرجه الحاكم من حديث أبي عاصم عن أيمن قال: صحيح على شرط البخاري، وروى أبو أحمد الجرجاني من حديث أبي مالك الأشجعي عن أبيه "رأيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يطوف حول البيت فإذا ازدحم الناس عليه استلم الركن بمحجن بيده.

[ ص: 253 ] (ذكر معناه) قوله:

(طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على بعير) قال ابن بطال: استلامه بالمحجن راكبا يحتمل أن يكون لشكوى به.

قلت: روى أبو داود: " قدم النبي صلى الله عليه وسلم مكة وهو يشتكي فطاف على راحلته فلما أتى على الركن استلم بمحجن فلما فرغ من طوافه أناخ فصلى ركعتين " وفي إسناده يزيد بن أبي زياد.

وفيه مقال.

قوله: (يستلم) جملة وقعت حالا.

قوله: (الركن) أي الحجر الأسود.

وقال النووي: قال أصحابنا: الأفضل أن يطوف ماشيا ولا يركب إلا لعذر مرض أو نحوه، أو كان ممن يحتاج إلى ظهوره؛ ليستفتى ويقتدى به، فإن كان لغير عذر جاز بلا كراهة، لكنه خلاف الأولى.

وقال إمام الحرمين: من أدخل البهيمة التي لا يؤمن من تلويثها المسجد بشيء فإن أمكن الاستيثاق فذاك وإلا فإدخالها المسجد مكروه، وجزم جماعة من أصحابنا بكراهة الطواف راكبا من غير عذر، منهم الماوردي والبندنيجي وأبو الطيب والعبدري، والمشهور الأول، والمرأة والرجل في ذلك سواء، والمحمول على الأكتاف كالراكب، وبه قال أحمد وداود وابن المنذر.

وقال مالك وأبو حنيفة: إن طاف راكبا لعذر أجزأه ولا شيء عليه وإن كان لغير عذر فعليه دم، قال أبو حنيفة: وإن كان بمكة أعاد الطواف، فلو طاف زحفا مع القدرة على القيام فهو صحيح لكنه يكره.

وقال أبو الطيب في التعليقة: طوافه زحفا كطوافه ماشيا منتصبا لا فرق بينهما، واعتذروا عن ركوب سيدنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بأن الناس كثروا عليه وغشوه بحيث إن العواتق خرجن من البيوت لينظرن إليه، أو لأنه يستفتى، أو لأنه كان يشكو كما تقدم، واستدل المالكيون بأن في الحديث دلالة على طهارة بول البعير، وذهب أبو حنيفة والشافعي في آخرين إلى نجاسته.

ذكر ما يستفاد منه:

أنه إذا عجز عن تقبيل الحجر استلمه بيده أو بعصا ثم قبل ما استلم به كما مر في صحيح مسلم من حديث أبي الطفيل.

وقال القاضي عياض: وانفرد مالك عن الجمهور فقال: لا يقبل يده وإذا عجز عن الاستلام أشار بيده أو بما في يده ولا يشير إلى القبلة بالفم؛ لأنه لم ينقل، ويراعى ذلك في كل طوفة، فإن لم يفعل فلا شيء عليه، قال المهلب: واستلامه صلى الله عليه وسلم بالمحجن يدل على أنه ليس بفرض، وإنما هو سنة، ألا ترى إلى قول عمر رضي الله تعالى عنه: لولا أني رأيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قبلك ما قبلتك.

ومما يستفاد منه: أن في قوله: (في حجة الوداع) ردا على من كره تسمية حجة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم "حجة الوداع" والمنكر غالط.

وقال المهلب: وفيه أنه لا يجب أن يطوف أحد في وقت صلاة الجماعة إلا من وراء الناس، ولا يطوف بين المصلين وبين البيت فيشغل الإمام والناس ويؤذيهم، وترك أذى المسلم أفضل من صلاة الجماعة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أكل من هذه الشجرة فلا يقربن مسجدنا".

التالي السابق


الخدمات العلمية