صفحة جزء
1570 باب أين يصلي الظهر يوم التروية.
أي: هذا باب يبين فيه أين يصلي الظهر، أي في أي مكان يصلي صلاة الظهر يوم التروية، وهو اليوم الثامن من ذي الحجة، والتروية بفتح التاء المثناة من فوق وسكون الراء وكسر الواو وتخفيف الياء آخر الحروف، سميت بذلك؛ لأنهم كانوا يتروون بحمل الماء معهم من مكة إلى عرفات، وقيل: إلى منى، وقيل: لأن آدم عليه السلام رأى فيه حواء عليها السلام، وقيل: لأن جبريل عليه السلام أرى فيه إبراهيم عليه السلام المناسك.

وقيل: لأنهم كانوا يروون إبلهم فيه، وقيل: لأن إبراهيم عليه السلام رأى تلك الليلة في منامه أنه يذبح ولده بأمر الله تعالى، فلما أصبح كان يروي في النهار كله أي يتفكر، وقيل: هو من الرواية؛ لأن الإمام يروي للناس مناسكهم.

قلت: ذكره الجوهري في باب "روى" معتل العين واللام، وذكر فيه مواد كثيرة، ثم قال: وسمي يوم التروية؛ لأنهم كانوا يرتوون فيه من الماء لما بعد، ويكون أصله من رويت من الماء بالكسر أروي ريا وريا وروي أيضا مثل رضي وتكون التروية مصدرا من باب التفعيل، تقول رويته الماء تروية، وأما قول من قال: لأن آدم عليه الصلاة والسلام رأى فيه حواء فغير صحيح من حيث الاشتقاق; لأن "رأى" الذي هو من الرؤية مهموز العين معتل اللام، نعم جاء من هذا الباب "ترئية وترية" ولم يجئ "تروية" فالأول من قولك: رأت المرأة ترئية إذا رأت الدم القليل عند الحيض، والثاني اسم الخرقة التي تعرف بها المرأة حيضها من طهرها.

وأما بقية الأقوال فكون أصلها من الرؤية غير مستبعد ولكن لم يجئ لفظ التروية منها؛ لعدم المناسبة بينهما في الاشتقاق، وأما قول من قال هو من الرواية فبعيد جدا; لأنه لم يجئ "تروية" من هذا الباب لعدم الاشتقاق بينهما.

وقال بعضهم: قيل في تسمية التروية أقوال شاذة، وذكر هذه الأقوال.

قلت: هذا يدل على أن أصلها صحيح في الاشتقاق; لأن الشاذ ما يكثر استعماله، ولكنه على خلاف القياس، ولكن هذا القائل لو عرف الاشتقاق بين المصدر والأفعال التي تشتق منه لما صدر منه هذا الكلام في غير تأمل وترو.

التالي السابق


الخدمات العلمية