صفحة جزء
1624 (باب النحر في منحر النبي - صلى الله عليه وسلم- بمنى )


أي: هذا باب في بيان النحر في منحر النبي صلى الله عليه وسلم. المنحر، بفتح الميم، اسم الموضع الذي تنحر فيه الإبل، وقال ابن التين: منحر النبي - صلى الله عليه وسلم- هو عند الجمرة الأولى التي تلي مسجد منى، وأخرج الفاكهي عن ابن جريج، عن عطاء، عن طاوس قال: كان منزل النبي - صلى الله عليه وسلم- بمنى عن يسار المصلي، وقال غير طاوس: وأمر بنسائه أن ينزلن جنب الدار بمنى، وأمر الأنصار أن ينزلوا الشعب وراء الدار. انتهى.

والشعب هو عند الجمرة المذكورة، وللنحر في منحر النبي - صلى الله عليه وسلم- فضيلة؛ لما روى مسلم فقال: حدثنا عمر بن حفص بن غياث قال: حدثنا أبي، عن جعفر قال: حدثني أبي، " عن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: نحرت هاهنا، ومنى كلها منحر، فانحروا في رحالكم، ووقفت هاهنا، وعرفة كلها موقف، ووقفت هاهنا وجمع كلها موقف". وقال النووي: في هذه الألفاظ بيان رفق النبي - صلى الله عليه وسلم- بأمته وشفقته عليهم في تنبيههم عن مصالح دينهم ودنياهم، فإنه - صلى الله عليه وسلم- ذكر لهم الأكمل والجائز، فالأكمل موضع نحره ووقوفه، والجائز كل جزء من أجزاء منى للنحر، وجزء من أجزاء عرفات، وجزء من أجزاء مزدلفة. وقال في شرح المهذب: قال الشافعي وأصحابنا: يجوز نحر الهدي ودماء الجبرانات في جميع الحرم، لكن الأفضل في حق الحاج النحر بمنى، وأفضل موضع في منى للنحر موضع نحر رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم- وما قاربه، والأفضل في حق المعتمر أن ينحر في المروة؛ لأنها موضع تحليله كما أن منى موضع تحليل [ ص: 49 ] الحاج. قوله: " فانحروا في رحالكم" ؛ أي: في منازلكم، قال أهل اللغة: رحل الرجل منزله، سواء كان من حجر أو مدر أو شعر أو وبر، ومعنى الحديث: منى كلها يجوز النحر فيها، فلا تتكلفوا في النحر في موضع نحري، بل يجوز لكم النحر في منازلكم من منى، والله أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية