صفحة جزء
168 ( وقال سفيان: هذا الفقه بعينه يقول الله تعالى: فلم تجدوا ماء فتيمموا وهذا ماء، وفي النفس منه شيء يتوضأ به ويتيمم ) .


سفيان هذا هو الثوري ; لأن الوليد بن مسلم لما روى هذا الأثر الذي رواه الزهري ذكر عقيبه بقوله: فذكرت ذلك لسفيان الثوري فقال: هذا والله الفقه بعينه ولولا هذا التصريح لكان المتبادر إلى الذهن أنه سفيان بن عيينة ; لكونه معروفا بالرواية عن الزهري دون الثوري .

قوله: هذا الفقه بعينه أراد أن الحكم بأنه يتوضأ به هو المستفاد من قوله تعالى: فلم تجدوا ماء لأن قوله ماء نكرة في سياق النفي فتعم ولا تخص إلا بدليل. وسمى الثوري الأخذ بدلالة العموم فقها، فإن قلت: لما كان الاستدلال بالعموم فقها وكان مذكورا في القرآن، فلم قال: وفي النفس منه شيء؟ أي: دغدغة ولم رأى التيمم بعد الوضوء به؟

قلت: ربما يكون ذلك لعدم ظهور دلالته أو لوجود معارض له إما من القرآن أو غير ذلك، فلذلك قال: يتوضأ به ويتيمم لأن الماء الذي يشك فيه كالمعدوم. وقال الكرماني رحمه الله: ولا يخفى أن الواو بمعنى ثم; إذ التيمم بعد التوضؤ قطعا قلت: لا نسلم ذلك فإن هذا الوضع لا يشترط الترتيب، بل الشرط الجمع بينهما سواء قدم الوضوء أو أخره. قوله: فلم تجدوا ماء هذا نص القرآن، ووقع في رواية أبي الحسن القابسي، عن أبي زيد المروزي في حكاية قول سفيان يقول الله تعالى: فلم تجدوا ماء ، وكذا حكاه أبو نعيم في المستخرج على البخاري، وقال القابسي: قد ثبت ذلك في الأحكام لإسماعيل القاضي يعني: [ ص: 37 ] بإسناده إلى سفيان قال: وما أعرف من قرأ بذلك، وقال بعضهم: لعل الثوري رواه بالمعنى. قلت: لا يصح هذا أصلا; لأنه قلب كلام الله تعالى، والظاهر أنه سهو أو وقع غلطا.

التالي السابق


الخدمات العلمية