صفحة جزء
1833 ويذكر عن أبي هريرة رفعه من أفطر يوما من رمضان من غير عذر ولا مرض لم يقضه صيام الدهر وإن صامه .


أشار بقوله : " يذكر " على صيغة المجهول التي هي صيغة التمريض إلى أن حديث أبي هريرة هذا ليس على شرطه ونبينه الآن . قوله : " رفعه " أي رفع أبو هريرة حديث من أفطر يوما ومراده أنه ليس بموقوف عليه ، بل هو مرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن قلت : كيف يرجع الضمير المنصوب في رفعه إلى شيء متأخر عنه ؟ قلت : رفعه جملة حالية متأخرة رتبة عن مفعول ما لم يسم فاعله لقوله يذكر وهو قوله من أفطر قال الكرماني : وفي بعض الرواية رفعه بلفظ الاسم مرفوعا بأنه مفعول يذكر ، وحينئذ يكون الحديث يعني قوله : " من أفطر يوما " بدلا عن الضمير يعني الضمير الذي أضيف إليه لفظ الرفع كما في قوله : " ما متعت به سمعي وبصري إلا بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم " فإن السمع بدل عن الضمير، جوز النحاة مثله . قوله : " وإن صامه " أي وإن صام الدهر وهو معطوف على مقدر تقديره إن لم يصمه وإن صامه .

ثم هذا التعليق رواه أصحاب السنن الأربعة فقال أبو داود : حدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا محمد بن كثير ، قال : أخبرنا شعبة ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن عمارة بن عمير ، عن ابن مطوس ، عن أبيه قال ابن كثير ، عن أبي المطوس ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : " من أفطر يوما في رمضان في غير رخصة رخصها الله له لم يقض عنه صيام الدهر " وقال : حدثنا أحمد بن حنبل قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن سفيان قال : حدثنا حبيب ، عن عمارة ، عن ابن المطوس قال : فلقيت ابن المطوس فحدثني عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر مثل حديث ابن كثير وسليمان .

قال أبو داود : اختلف على سفيان وشعبة عنهما ابن المطوس وأبو المطوس وقال الترمذي : حدثنا بندار ، حدثنا يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي قالا : حدثنا سفيان ، عن حبيب بن أبي ثابت ، حدثنا أبو المطوس ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من أفطر يوما من رمضان من غير رخصة ولا مرض لم يقض عنه صوم الدهر كله وإن صامه " وقال النسائي : أخبرنا عمرو بن منصور قال : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا سفيان ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن أبي المطوس ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من أفطر يوما من رمضان من غير مرض ولا رخصة لم يقضه صيام الدهر كله وإن صامه " وقال : أخبرنا محمد بن بشار قال : حدثنا يحيى وعبد الرحمن قالا : حدثنا سفيان ثم ذكر كلمة معناها ، عن حبيب قال : حدثنا أبو المطوس ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من أفطر يوما من رمضان من غير رخصة ولا مرض لم يقض عنه صيام الدهر وإن صامه " ، ثم رواه النسائي من طرق كثيرة ، وقال ابن ماجه : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، وعلي بن محمد قالا : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن ابن المطوس ، عن أبيه المطوس ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أفطر يوما من رمضان من غير رخصة لم يجزه صيام الدهر .

[ ص: 23 ] ذكر بيان حال هذا الحديث، قال أبو داود : اختلف على سفيان وشعبة ابن المطوس وأبو المطوس قال الترمذي : حديث أبي هريرة لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، وقال شيخنا يريد الحديث المرفوع ، ومع هذا فقد روي مرفوعا من غير طريق أبي المطوس رواه الدارقطني قال : حدثنا الحسن بن أحمد بن سعيد الرهاوي ، حدثنا العباس بن عبيد الله ، حدثنا عمار بن مطر ، حدثنا قيس ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الله بن الحارث ، عن عبد الله بن مالك ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم " من أفطر يوما من رمضان من غير مرض ولا رخصة لم يقض عنه صيام وإن صام الدهر كله " . قلت : عمار بن مطر هالك . قال أبو حاتم : كان يكذب ، وقال ابن عدي : أحاديثه بواطيل ، وقال الدارقطني ضعيف وقد روي موقوفا على أبي هريرة من غير طريق أبي المطوس ، ورواه النسائي ، عن زكريا بن يحيى ، عن عمرو بن محمد بن الحسن ، عن أبيه ، عن شريك ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : " من أفطر يوما من رمضان لم يقضه يوم من أيام الدنيا " ورواه أيضا عن هلال ابن العلاء ، عن أبيه ، عن عبيد الله بن عمرو ، عن زيد بن أبي أنيسة ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن علي بن حسين " عن أبي هريرة أن رجلا أفطر في شهر رمضان فأتى أبا هريرة فقال : لا يقبل منك صوم سنة " وقال الترمذي : سألت محمدا يعني البخاري عن هذا الحديث فقال : أبو المطوس اسمه يزيد بن المطوس لا أعرف له غير هذا الحديث ، وقال البخاري في التاريخ : تفرد أبو المطوس بهذا الحديث ولا أدري سمع أبوه من أبي هريرة أم لا . قلت : أبو المطوس بضم الميم وفتح الطاء المهملة وتشديد الواو المفتوحة وآخره سين مهملة من أفراد الكنى ، وكذلك أبوه المطوس من أفراد الأسماء ، وقد اختلف في اسم أبي المطوس فقال البخاري وأبو حاتم الرازي وابن حبان : اسمه يزيد ، وقال يحيى بن معين : اسمه عبد الله وأبو داود قال : لا يسمى ، وقد اختلف فيه فقال ابن معين : ثقة وقال ابن حبان : يروى عن أبيه ما لا يتابع عليه لا يجوز الاحتجاج بأفراده ، وقال صاحب الميزان : ضعيف قال : ولا يعرف هو ولا أبوه . قلت : ومع هذا صحح ابن خزيمة هذا الحديث ، ورواه من طريق سفيان الثوري وشعبة كلاهما عن حبيب بن أبي ثابت ، عن عمارة بن عمير ، عن أبي المطوس ، عن أبيه ، عن أبي هريرة الحديث ، وقال مهنا: سألت أحمد عن هذا الحديث فقال : يقولون عن ابن المطوس وعن أبي المطوس وبعضهم يقول : عن حبيب ، عن عمارة بن عمير ، عن أبي المطوس قال : لا أعرف المطوس ولا ابن المطوس . قلت : أتعرف الحديث من غير هذا الوجه ؟ قال : لا وكذا قاله أبو علي الطوسي ، وقال ابن عبد البر : يحمل أن يكون لو صح على التغليظ وهو حديث ضعيف لا يحتج به .

ذكر ما روي عن غير أبي هريرة في هذا الباب : فروي عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من أفطر يوما من رمضان متعمدا في غير سبيل خرج من الحسنات كيوم ولدته أمه " وأخرجه ابن عدي في الكامل وفي سنده محمد بن الحارث قال ابن معين : ليس هو بشيء ، وقال مرة ليس بثقة ، وعن الفلاس إنه متروك الحديث ، وفيه محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني ، قال ابن معين ليس بشيء ، وروي عن مصاد بن عقبة ، عن مقاتل بن حبان ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الوارث الأنصاري قال : سمعت أنس بن مالك يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أفطر يوما من شهر رمضان من غير رخصة ولا عذر كان عليه أن يصوم ثلاثين يوما ، ومن أفطر يومين كان عليه أن يصوم ستين يوما ، ومن أفطر ثلاثة أيام كان عليه تسعين يوما " أخرجه الدارقطني وقال : لا يثبت هذا الإسناد ولا يصح عن عمرو بن مرة ، وأعله ابن القطان بعبد الوارث ، وعن ابن معين إنه مجهول ، وروي عن جابر رضي الله تعالى عنه أخرجه الدارقطني من رواية الحارث بن عبيدة الكلاعي ، عن مقاتل بن سليمان ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن جابر بن عبد الله ، عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال : " من أفطر يوما من شهر رمضان في الحضر فليهد بدنة فإن لم يجد فليطعم ثلاثين صاعا " قال الدارقطني الحارث بن عبيدة ومقاتل ضعيفان .

قوله : " من غير عذر ولا مرض " من ذكر الخاص بعد العام لأن المرض داخل في العذر ، وفي رواية الترمذي : "من غير رخصة ولا مرض " وهو أيضا من هذا القبيل؛ لأن المرض داخل في الرخصة ، ثم إنه أطلق الإفطار فلا يخلو إما [ ص: 24 ] أن يكون بجماع أو غيره ناسيا أو عامدا ، ولكن المراد منه الإفطار في الأكل أو الشرب عامدا وإما ناسيا ، فقد ذكره فيما مضى ، وأما بالجماع فسيأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية