صفحة جزء
1842 51 - حدثنا عبد الله بن يوسف قال : أخبرنا مالك ، عن ابن شهاب ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى مكة في رمضان فصام حتى بلغ الكديد أفطر فأفطر الناس .


مطابقته للترجمة من حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى مكة فصام أياما ثم أفطر .

ورجاله قد ذكروا غير مرة ، وعبيد الله بن عبد الله بالتصغير في الابن والتكبير في الأب ابن عتبة بن مسعود أحد الفقهاء السبعة رضي الله عنه .

ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره : أخرجه البخاري أيضا في الجهاد عن علي بن عبد الله ، وفي المغازي عن محمود ، عن عبد الرزاق ، وعن عبد الله بن يوسف ، عن الليث ، وأخرجه مسلم في الصوم ، عن يحيى بن يحيى وابن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم وعمرو الناقد ، أربعتهم عن سفيان به ، وعن محمد بن رافع ، عن عبد الرزاق ، وعن قتيبة ومحمد بن رمح كلاهما عن الليث عنه به ، وعن حرملة بن يحيى ، عن ابن وهب ، وأخرجه النسائي فيه عن قتيبة ، عن سفيان به .

[ ص: 46 ] ذكر معناه : قوله : " خرج إلى مكة " كان ذلك في غزوة الفتح خرج يوم الأربعاء بعد العصر لعشر مضين من رمضان ، فلما كان بالصلصل جبل عند ذي الحليفة نادى مناديه : من أحب أن يفطر فليفطر ومن أحب أن يصوم فليصم ، فلما بلغ الكديد أفطر بعد صلاة العصر على راحلته ليراه الناس ، قوله : " لعشر مضين من رمضان " رواية ابن إسحاق في المغازي عن الزهري ، ووقع في مسلم من حديث أبي سعيد اختلاف من الرواة في ضبط ذلك ، والذي اتفق عليه أهل السير أنه خرج في عاشر رمضان ودخل مكة لتسع عشرة خلت منه . قوله : " حتى بلغ الكديد " وفي رواية عن ابن عباس ستأتي قريبا من وجه آخر " حتى بلغ عسفان " بدل " الكديد " ووقع عند مسلم " فلما بلغ كراع الغميم " ووقع في رواية النسائي من رواية الحكم عن مقسم ، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في رمضان فصام حتى أتى قديدا ، ثم أتي بقدح من لبن فشربه فأفطر هو وأصحابه ، وقال القاضي عياض : اختلفت الروايات في الموضع الذي أفطر صلى الله عليه وسلم فيه ، والكل في قضية واحدة ، وكلها متقاربة ، والجميع من عمل عسفان . انتهى . قلت : الكديد بفتح الكاف وبدالين مهملتين أولاهما مكسورة بعدها ياء آخر الحروف ساكنة ، وهو موضع بينه وبين المدينة سبع مراحل أو نحوها ، وبينه وبين مكة نحو مرحلتين ، وهو أقرب إلى المدينة من عسفان ، وقال أبو عبيد : بينه وبين عسفان ستة أميال ، وعسفان على أربعة برد من مكة ، وبالكديد عين جارية بها نخل كثير ، وذكر ابن قرقول أن بين الكديد ومكة اثنان وأربعون ميلا ، وقال ابن الأثير : وعسفان قرية جامعة بين مكة والمدينة ، وكراع الغميم أيضا موضع بين مكة والمدينة ، والكراع جانب مستطيل من الحرة مشتبها بالكراع ، والغميم بفتح الغين المعجمة واد بالحجاز ، أما عسفان فبثمانية أميال يضاف إليها هذا الكراع ، قيل جبل أسود متصل به ، والكراع كل أنف سال من جبل أو حرة ، وقديد بضم القاف موضع قريب من مكة فكأنه في الأصل تصغير قد .

ذكر ما يستفاد منه : فيه بيان صريح أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم صام في السفر ، وفيه رد على من لم يجوز الصوم في السفر ، وفيه بيان إباحة الإفطار في السفر ، وفيه دليل على أن للصائم في السفر الفطر بعد مضي بعض النهار ، وفيه رد لقول من زعم أن فطره بالكديد كان في اليوم الذي خرج فيه من المدينة ، وذهب الشافعي إلى أنه لا يجوز الفطر في ذلك اليوم ، وإنما يجوز لمن طلع عليه الفجر في السفر ، قال أبو عمر : اختلفوا في الذي يخرج في سفره ، وقد بيت الصوم فقال مالك : عليه القضاء ولا كفارة فيه ، وبه قال أبو حنيفة والشافعي وداود والطبري والأوزاعي، وللشافعي قول آخر أنه يكفر إن جامع .

التالي السابق


الخدمات العلمية