صفحة جزء
1860 [ ص: 71 ] ومن قال ليس في الليل صيام لقوله تعالى : ثم أتموا الصيام إلى الليل ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه رحمة لهم وإبقاء عليهم ، وما يكره من التعمق .


كل هذا من الترجمة ، وهي تشتمل على ثلاثة فصول :

الأول : قوله ( ومن قال ) وهو في محل الجر عطفا على لفظ الوصال ، تقديره : وباب في بيان من قال ليس في الليل صيام يعني الليل ليس محلا للصوم ؛ لأن الله تعالى جعل حد الصوم إلى الليل ، فلا يدخل في حكم ما قبله ، واستدل عليه بقوله تعالى : ثم أتموا الصيام إلى الليل وقد ورد فيه حديث مرفوع رواه أبو سعيد الخير : إن الله لم يكتب الصيام بالليل ، فمن صام فقد بغى ، ولا أجر له . أخرجه ابن السكن ، وغيره من الصحابة ، والدولابي ، وغيره في ( الكنى ) ، كلهم من طريق أبي فروة الرهاوي ، عن معقل الكندي ، عن عبادة بن نسي عنه ، وقال ابن منده : غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، وقال الترمذي : سألت البخاري عنه فقال : ما أرى عبادة سمع من أبي سعيد الخير ، وقال شيخنا زين الدين : حديث أبي سعيد الخير لم أقف عليه . وقد اختلف في صحبته ، فقال أبو داود : أبو سعيد الخير صحابي روى عن النبي صلى الله عليه وسلم .

وروى عنه قيس بن الحارث الكندي ، وفراس الشعباني ، وقال شيخنا : وروى عنه ممن لم يذكره يونس بن حليس ، ومهاجر بن دينار ، وابن لأبي سعيد الخير غير مسمى ، وذكره الطبراني في الصحابة ، وروى له خمسة أحاديث ، وقيل : هو أبو سعيد الخير بزيادة ياء آخر الحروف ، وهكذا ذكر أبو أحمد الحاكم في ( الكنى ) ، فقال : سعيد الخير له صحبة مع النبي صلى الله عليه وسلم ، حديثه في أهل الشام ، وقال الحافظ الذهبي في ( تجريد الصحابة ) : أبو سعيد الخير الأنماري ، وقيل : أبو سعيد الخير اسمه عامر بن سعد شامي له في الشفاعة ، وفي الوضوء ، روى عنه قيس بن الحارث ، وعبادة بن نسي ، وقال أبو أحمد الحاكم بعد أن روى له حديثا قال : أبو سعيد الأنماري ، ويقال : أبو سعيد الخير له صحبة من النبي صلى الله عليه وسلم قال : ولست أحفظ له اسما ولا نسبا إلى أقصى أبا ، فجعلهما اثنين ، وجمع الطبراني بين الترجمتين فجعلهما ترجمة واحدة ، وقال شيخنا : وقد قيل : إن أبا سعيد الخير هو أبو سعيد الحبراني الحمصي الذي روى عن أبي هريرة ، وروى عنه حصين الحبراني ، وعلى هذا فهو تابعي ، وهكذا ذكره العجلي في ( الثقات ) ، فقال : شامي تابعي ثقة ، وكذا ذكره ابن حبان في ( الثقات ) التابعين ، واختلف في اسمه ، فيقال : اسمه زياد ، ويقال : عامر بن سعد ، قال الحافظ المزي : وأراهما اثنين ، والله أعلم .

الفصل الثاني : قوله ( ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه ) أي : عن الوصال ، وهذا التعليق وصله البخاري من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها بلفظ : نهى النبي صلى الله عليه وسلم رحمة لهم على ما يأتي عن قريب إن شاء الله تعالى .

قوله ( وإبقاء عليهم ) أي : على الأمة ، وأراد حفظا لهم في بقاء أبدانهم على قوتها .

وروى أبو داود ، وغيره من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن رجل من الصحابة قال : نهى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم عن الحجامة والمواصلة ، ولم يحرمهما إبقاء على أصحابه ، وإسناده صحيح .

الفصل الثالث : قوله ( وما يكره من التعمق ) قال الكرماني : هو عطف إما على الضمير المجرور ، وإما على قوله ( رحمة ) أي : لكراهة التعمق ، وهو تكلف ما لم يكلف ، وعمق الوادي قعره ، وقيل : وما يكره من التعمق من كلام البخاري معطوف على قوله ( الوصال ) أي : باب ذكر الوصال وذكر ما يكره من التعمق ، وقد روى البخاري في كتاب التمني من طريق ثابت بن قيس ، عن أنس في قصة الوصال ، فقال صلى الله تعالى عليه وسلم : لو مد بي الشهر لواصلت وصالا يدع المتعمقون تعمقهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية