صفحة جزء
1878 86 - حدثنا آدم قال : حدثنا شعبة قال : حدثنا حبيب بن أبي ثابت قال : سمعت أبا العباس المكي ، وكان شاعرا ، وكان لا يتهم في حديثه ، قال : سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : قال لي النبي صلى الله عليه وسلم : إنك لتصوم الدهر وتقوم الليل ، فقلت : نعم ، قال : إنك إذا فعلت ذلك هجمت له العين ، ونفهت له النفس ، لا صام من صام الدهر ، صوم ثلاثة أيام صوم الدهر كله ، قلت : فإني أطيق أكثر من ذلك ، قال : فصم صوم داود عليه السلام ، كان يصوم يوما ويفطر يوما ، ولا يفر إذا لاقى.


مطابقته للترجمة في قوله ( صم صوم داود عليه الصلاة والسلام .. ) إلى آخره ، وهذا الحديث مر في باب حق الأهل في الصوم ، فإنه أخرجه هناك عن عمرو بن علي ، عن أبي عاصم ، عن ابن جريج ، عن أبي العباس الشاعر .. إلى آخره ، وبين متنيه بعض اختلاف ، وحبيب ضد العدو ، وابن أبي ثابت ضد الزائل أبو يحيى الأسدي الكاهلي الأعور المفتي المجتهد ، مات سنة تسع عشرة ومائة .

قوله ( وكان شاعرا ) وهناك قال الشاعر .

قوله ( وكان لا يتهم في حديثه ) فيه إشارة إلى أن الشاعر بصدد أن يمنع حديثه لما تقتضيه صناعته من الغلو في الأشياء ، والإغراق في المدح والذم ، لكن الراوي عدله ووثقه حتى روى عنه ؛ لأنه لم يكن متهما ، وأشار بقوله ( في حديثه ) إلى أن المروي عنه أعم من أن يكون من الحديث النبوي أو غيره ، وإلا لم يرو عنه على أن الواقع أنه حجة عند كل من أخرج الصحيح ، ووثقه أحمد ، وابن معين ، وغيرهما ، وليس له في البخاري سوى هذا الحديث ، وحديثان آخران : أحدهما في الجهاد ، والآخر في المغازي ، وأعادهما معا في الأدب .

قوله ( هجمت له العين ) أي : غارت ودخلت ، وعن صاحب ( العين ) : هجمت تهجم هجوما وهجما ، وعن أبي عمر : والكثير إهجام ، وعن الأصمعي : انهجمت عينه دمعت . ذكره في ( الموعب ) .

قوله ( ونفهت ) بفتح النون وكسر الفاء ، أي تعبت وكلت ، ووقع في رواية النسفي : نهثت ، بالثاء المثلثة بدل الفاء . وقال ابن التين : هذا غريب ولا أعرف معناها ، وقال بعضهم : وكأنها أبدلت عن الفاء ، فإنها تبدل منها كثيرا .

قلت : ادعى أن الفاء تبدل من الثاء المثلثة كثيرا ، ولم يأت بمثال فيه ، ولا نسبه إلى أحد من أهل العربية ، ولا ذكر أحد هذا في الحروف التي يبدل بعضها من بعض ، وإن كان يوجد هذا ربما يوجد في لسان ذي لثغة ، فلا يبنى عليه شيء ، وقال التيمي : نهثت بالنون والمثلثة ، ولا أعرف هذه الكلمة ، وقد ورد في اللغة نهث الرجل يعني سعل ، وهو بعيد هنا ، وجاء في رواية الكشميهني : ونهكت ، أي : هزلت وضعفت ، ولا وجه له إلا إذا ضم النون ، من نهكته الحمى إذا أضنته ، وفي ( التوضيح ) : نهتت بالنون ثم هاء ثم مثناة من فوق ، ثم أخرى مثلها ، ومعناه ضعفت .

قلت : قال الجوهري : يقول نهت ينهت بالكسر من النهيت ، قال : النهيت كالزجير إلا أنه دونه ، يقال : رجل نهات ، أي : زجار ، وهذا الذي ضبطه صاحب ( التوضيح ) لا يناسب هنا على ما لا يخفى ، فافهم .

قوله ( صوم ثلاثة أيام ) أي : من كل شهر ، ومعنى البقية من المتن تقدم .

التالي السابق


الخدمات العلمية