صفحة جزء
181 ( وقال منصور عن إبراهيم : لا بأس بالقراءة في الحمام وبكتب الرسالة على غير وضوء ) .


منصور هو ابن المعتمر السلمي الكوفي تقدم في باب من جعل لأهل العلم أياما وإبراهيم هو ابن يزيد النخعي الكوفي القعنبي ، مر في باب ظلم دون ظلم ، وهذا التعليق وصله سعيد بن منصور ، عن أبي عوانة ، عن منصور مثله .

وروى عبد الرزاق ، عن الثوري ، عن منصور قال : سألت إبراهيم عن القراءة في الحمام فقال : لم يبن للقراءة وقال بعضهم : هذا يخالف رواية أبي عوانة قلت : لا مخالفة بينهما; لأن قولهم : لم يبن للقراءة إخبار بما هو الواقع في نفسه ، فلا يدل على الكراهة ولا على عدمها ، أو نقول عن إبراهيم روايتان في رواية يكره ، وفي رواية لا يكره .

وقد روى سعيد بن منصور أيضا عن محمد بن أبان ، عن حماد بن أبي سليمان قال : سألت إبراهيم عن القراءة في الحمام فقال : يكره ذلك ، فإن قلت : لم ذكر البخاري الأثر الذي فيه ذكر الحمام والتبويب أعم من هذا؟ قلت : لأن الغالب أن أهل الحمام أصحاب الأحداث .

واختلفوا في قراءة القرآن في الحمام ، فعن أبي حنيفة أنه يكره ، وعن محمد بن الحسن أنه لا يكره . وبه قال مالك وقال بعضهم : لأنه ليس فيه دليل خاص قلت : إنما كره أبو حنيفة قراءة القرآن في الحمام; لأن حكمه حكم بيت الخلاء; لأنه موضع النجاسة والماء المستعمل في الحمام نجس عنده ، وعند محمد طاهر فلذلك لم يكرهها .

قوله : "وبكتب الرسالة" أي : وبكتابة الرسالة لأن الكتب مصدر دخلت عليه الباء حرف الجر وهو معطوف على قوله : "لا بأس بالقراءة" والتقدير ولا بأس بكتب الرسالة على غير وضوء ، وهذه في رواية كريمة ، وفي رواية غيرها ويكتب الرسالة على صيغة المجهول من المضارع ، والوجه الأول أوجه وهذا الأثر وصله عبد الرزاق ، عن الثوري أيضا ، عن منصور قال : سألت إبراهيم أأكتب الرسالة على غير وضوء؟ قال : نعم وقال بعضهم : وتبين بهذا أن قوله : "على غير وضوء" يتعلق بالكتابة لا بالقراءة في الحمام قلت : لا نسلم ذلك ، فإن قوله : "وبكتب الرسالة" على الوجهين يتعلق على قوله : "بالقراءة" . وقوله : "وعلى غير وضوء" يتعلق بالمعطوف والمعطوف عليه لأنهما كشيء واحد .

وقال أصحابنا : يكره للجنب أو الحائض أن يكتب الكتاب الذي في بعض سطوره آية من القرآن وإن كانا لا يقرآن شيئا; لأنهما منهيان عن مس القرآن ، وفي الكتابة مس لأنه يكتب بالقلم وهو في يده وهو صورة المس . وفي المحيط لا بأس لهما بكتابة المصحف إذا كانت الصحيفة على الأرض عند أبي يوسف; لأنه لا يمس القرآن بيده وإنما يكتب حرفا فحرفا وليس الحرف الواحد بقرآن .

وقال محمد : أحب إلي أن لا يكتب لأنه في الحكم ماس للحروف وهي بكليتها قرآن ، ومشايخ بخارى أخذوا بقول محمد كذا في الذخيرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية