صفحة جزء
182 ( باب من لم ير الوضوء إلا من الغشي المثقل )


أي : هذا باب في بيان من لم ير الوضوء إلا من الغشي ، بفتح الغين المعجمة ، وسكون الشين المعجمة ، وفي آخره ياء آخر الحروف ، يقال : غشي عليه غشية وغشيانا ، فهو مغشي عليه ، والغشي مرض يعرض من طول التعب والوقوف ، وهو ضرب من الإغماء إلا أنه أخف منه ، وقال صاحب ( العين ) : غشي عليه ذهب عقله ، وفي القرآن : كالذي يغشى عليه من الموت وقال الله تعالى : فأغشيناهم فهم لا يبصرون

قوله ( المثقل ) بضم الميم ، من أثقل يثقل إثقالا ، فهو مثقل ، بكسر القاف للفاعل ، وبفتحها للمفعول ، وهو ضد الخفيف .

فإن قلت : كيف يجوز هذا الحصر ، وللوضوء أسباب أخر غير الغشي ؟ قلت : أينما يقع مثل هذا الحصر ، فالمراد أنه رد لاعتقاد السامع حقيقة أو ادعاء ، فكأن ها هنا من يعتقد وجوب الوضوء من الغشي مطلقا ، سواء كان مثقلا أو غير مثقل ، وأشركهما في الحكم ، فالمتكلم حصر على أحد النوعين من الغشي ، فأفرده بالحكم مزيلا للشركة ، ومثله يسمى قصر الإفراد ، ومعناه أنه لا يتوضأ إلا من الغشي المثقل ، لا من الغشي الغير المثقل ، وليس المعنى أنه يتوضأ توضئا من الغشي المثقل ، لا من سبب من أسباب الحدث ، وجواب آخر : أنه استثناء مفرغ ، فلا بد من تقدير المستثنى منه مناسبا له ، فتقديره : من لم ير الوضوء من الغشي إلا من الغشي المثقل .

والمناسبة بين البابين من حيث إن في الباب السابق عدم لزوم الوضوء عن القراءة ، وها هنا عدم لزومه عند الغشي الغير المثقل .

التالي السابق


الخدمات العلمية