صفحة جزء
185 ( باب استعمال فضل وضوء الناس )


أي هذا باب في بيان استعمال فضل وضوء الناس في التطهر وغيره ، والوضوء بفتح الواو ، والمراد من فضل الوضوء ، يحتمل أن يكون ما يبقى في الظرف بعد الفراغ من الوضوء ، ويحتمل أن يراد به الماء الذي يتقاطر عن أعضاء المتوضئ ، وهو الماء الذي يقول له الفقهاء الماء المستعمل ، واختلف الفقهاء فيه ، فعن أبي حنيفة ثلاث روايات ، فروى عنه أبو يوسف : أنه نجس مخفف ، وروى الحسن بن زياد : أنه نجس مغلظ ، وروى محمد بن الحسن ، وزفر ، وعافية القاضي : أنه طاهر غير طهور ، وهو اختيار المحققين من مشايخ ما وراء النهر ، وفي ( المحيط ) : وهو الأشهر الأقيس ، وقال في ( المفيد ) : وهو الصحيح ، وقال الإسبيجابي : وعليه الفتوى ، وقال قاضيخان : ورواية التغليظ رواية شاذة غير مأخوذ بها . وبه يرد على ابن حزم قوله : الصحيح عن أبي حنيفة نجاسته .

وقال عبد الحميد القاضي : أرجو أن لا تثبت رواية النجاسة فيه عن أبي حنيفة ، وعند مالك : طاهر وطهور ، وهو قول النخعي ، والحسن البصري ، والزهري ، والثوري ، وأبي ثور .

وعند الشافعي : طاهر غير طهور ، وهو قوله الجديد .

وعند زفر : إن كان مستعمله طاهرا فهو طاهر وطهور ، وإن محدثا فهو طاهر غير طهور .

وقوله ( استعمال فضل وضوء الناس ) أعم من أن يستعمل للشرب أو لإزالة الحدث أو الخبث أو للاختلاط بالماء المطلق ، فعلى قول النجاسة : لا يجوز استعماله أصلا ، وعلى قول الطهورية : يجوز استعماله في كل شيء ، وعلى قول الطاهرية فقط : يجوز استعماله للشرب والعجين والطبخ وإزالة الخبث ، والفتوى عندنا على أنه طاهر غير طهور ، كما ذهب إليه محمد بن الحسن .

والمناسبة بين البابين : من حيث إن الباب السابق في صفة الوضوء ، وهذا الباب في بيان الماء الذي يفضل من الوضوء .

التالي السابق


الخدمات العلمية